بقلم : د .عبدالهادي الصالح
عادة الدولة البابوية الممثلة في بابا الكنيسة الكاثوليكية، لا تتدخل في القرارات السياسية ولا تملك مفاتيحها، إلا بإسداء النصائح.
لكن طبيعة الإسلام له مدخلية في جميع مناحي الحياة، بما فيها القضايا السياسية.
المرجعيات الإسلامية الشيعية عادة مستقلة عن الحكومات إداريا وسياسيا وماليا، وتمارس دورها بحرية بعيدا عن أي ضغوطات رسمية توجهها أينما شاءت، بل وتبادر هذه المرجعيات بالتدخل في القرارات السياسية البالغة الخطورة على الإسلام والمسلمين كمثل ثورة «تحريم التنباك»، الصادرة عن ميرزا محمد حسن الحسيني الشيرازي عام 1890.
وثورة العشرين اندلعت ضد الاستعمار البريطاني بقيادة العلماء المراجع في العراق 1920م.
وأفتى السيد محسن الحكيم بالجهاد وبصرف الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي ضد كيان الاحتلال الغاصب.
وبالمقابل كانت هذه المرجعية قبلة للملوك والرؤساء توسلا وطلبا للواسطة لإنقاذهم من المآزق السياسية المحيطة بهم! محمد رضا بهلوي شاه إيران أرسل زوجته فرح بهلوي وهي بالحجاب إلى المرجع آية الله السيد الخوئي قدس سره للوقوف ضد ثورة الإمام الخميني قدس سره، ولكن باءت محاولتها بالفشل الذريع.
وأرسل الإمام السيد الخوئي إلى بغداد من النجف الأشرف جبرا للقاء المقبور صدام حسين في محاولة للوقوف ضد الانتفاضة الشعبانية عام 1991م ضد النظام البعثي.
وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولجوء شاه إيران إلى أميركا أرسل البابا يوحنا بولس الثاني- بطلب من الرئيس كارتر برسالة مع مبعوث خاص له إلى سماحة الإمام الخميني في قم يطالبه فيها باسم القيم الروحية المشتركة بين الإسلام والمسيحية بالعفو عن الشاه وعدم محاكمته على جرائمه بحق الشعب الإيراني. وكان جواب الإمام الخميني عتابا للبابوية بعدم وقوفها مع الشعب المظلوم!
بايدن الرئيس الأميركي المتدين الكاثوليكي يبدو أنه فشل في استدراج إيران للمربع الأول لاتفاقية النووي الإيراني، فمن المتوقع انه أرسل البابا الكاثولوكي للتوسط.
لكن السيد السيستاني الذي افتوى بالتصدي للدواعش، فاستجاب الشعب العراقي بمسلميه ومسيحييه. قد أشار تصريح مكتب سماحته حفظه الله تعالى «…إلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حث الأطراف المعنية ولاسيما القوى العظمى على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة..».
