حوكمة الصرف من صندوق دعم الجهود الحكومية – بقلم : بدر مشاري الحماد
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com
في سياق السؤال البرلماني الموجه إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بشأن صندوق دعم الجهود الحكومية في مواجهة فيروس كورونا المستجد، والذي تضمن تساؤلا فيما إذا كان الصندوق قد خضع لرقابة ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين.
فعلى الرغم من الأهداف السامية لإنشاء هذا الصندوق والذي يجسد مدى التضامن على المستوى الشعبي في مواجهة الكوارث التي تواجه دولة الكويت، الا ان ما جاء بمضامين السؤال البرلماني يعتبر امرا مستحقا، لكي يتم تبيان مدى الحوكمة التي تتمتع بها إجراءات الصرف من هذا الصندوق، وكذلك لتوفير الشفافية لمقدمي تلك التبرعات.
وكان من المستغرب انه في ظل تكليف الأمانة العامة لوزارة المالية بصفتها تمثل الإدارة المالية العامة للدولة وهي المعنية بالميزانية العامة للدولة والقواعد الخاصة بها بما في ذلك القواعد المتعلقة بالرقابة عليها، الا ان الإجراءات التي تم التعامل معها في شأن انشاء هذا الصندوق من وجهة نظري تجاوزت موضوع تسهيل الإجراءات الروتينية المعتادة التي طلبها مجلس الوزراء، حيث ارى انها لا تتسق مع القوانين والنظم واللوائح المعتمدة والتي أكد مجلس الوزراء على مراعاتها في قراره.
فكان من المتوقع ان تبين الجهات الرقابية المعنية لمجلس الوزراء كل وفق واختصاصه أن انشاء الصندوق على النحو الصادر بقراره لا يتسق مع القوانين والنظم واللوائح المقررة في هذا الشأن، وان الإجراءات الواجب اتباعها في مثل هذه الحالات هي الموضحة بتعميم وزير المالية رقم 4 لسنة 2015، والتي صنفت أغراض صندوق دعم الجهود الحكومية في مواجهة فيروس كورونا المستجد كإيرادات للدولة تحت ما يسمى بالتحويلات الطوعية، وهي الهبات الطوعية المقدمة من الافراد والمؤسسات الخاصة غير الهادفة للربح والمؤسسات غير الحكومية والشركات.
وبالمقابل على الدولة تخصيص اعتمادات مالية بالميزانية العامة بقيمة التبرعات التي تحصلت عليها كدعم للجهود الحكومية استنادا للمادة 141 من الدستور واحكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978، ومن ثمة يمكن اخضاع الاعتمادات المخصص لرقابة الأجهزة الرقابية المختلفة بالدولة، باعتبار ان تلك المبالغ مدرجة ضمن الميزانية العامة للدولة ويسري عليها ما يسري على الاعتمادات المالية الأخرى، علما بأن تلك الإجراءات أيضا تتسق ومعايير المحاسبية الدولية في هذا الشأن.
كما ان تلك الإجراءات أخرجت مبالغ التبرعات من نطاق رقابة جهاز المراقبين الماليين وفقا لما جاء بالمادة الأولى من قانون انشائه، هذا وإن أشار القانون بشكل او بآخر الى بعض الرقابة النوعية على التبرعات الا انها غير قابلة للتطبيق فنيا وقانونيا في الوقت الراهن، وكذلك أخرجت تلك الإجراءات من نطاق رقابة ديوان المحاسبة وفقا لما جاء بالمادة الخامسة من قانون انشائه، ويقتصر دور ديوان المحاسبة في هذا الشأن في حدود احكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة، باعتبار تلك الأموال ضمن الأموال العامة طالما هي تحت إدارة واشراف الدولة.
علما بأنه توجد سوابق إيجابية لمجلس الوزراء توضح أهمية دور الأجهزة الرقابية في إعادة النظر في بعض قراراته، حيث سبق لمجلس الوزراء ان تراجع عن أحد القرارات التي كانت لا تتسق مع بعض القوانين والنظم واللوائح بناء على رأي من قطاع الرقابة المالية بوزارة المالية، وكنت أتمنى لو اعاد مجلس الوزراء النظر بقراره في حينه.