التوازن النفسي.. يصفع الكورونا! – بقلم : يوسف عبدالرحمن
في زمن كورونا كوفيد 2020 – 2021م اجتاحتنا أحداث كثيرة في الكويت، وأنا أُطالع المشهد الوطني وما يرسم من صقور وحمائم ومن تراجع في القرارات واحتدام في المعارك الكلامية والتماحك غير المرغوب وغياب الدور التشريعي وتراجع الاصطفاف الحكومي، ينتابني كمواطن وإعلامي وصحافي القلق والتوتر، والسؤال: هذه الضغوط الجمة أتعبت المواطن والوافد لأن التراجع في القرارات وراءه تبعات على كل الأصعدة، خاصة عندما نجد مكانا للهوى والارتجال وغياب الحكمة والحنكة في كل أمور الشأن العام الخاصة بالناس وتعطل مصالحها!
لو ركزت في الزووم لوجدت أن دائرة الإخفاقات تتسع مما يصعب هذا على الراتق!
ما الحل؟
والله إننا بحاجة الى الجلوس مع أنفسنا بعيدا عن (المستشارين) الذين (دمروا) بقراراتهم أرزاق الناس، خاصة أن وباء كورونا أرجعنا الى المربع الأول، والحل بسيط وهو فرض التطعيم لأنه سيقلل من حجم الأضرار الناتجة عن هذه التجمعات، فالناس للأسف لا تفهم حتى اليوم أن تطبيق الإجراءات والاحترازات الصحية وأخذ اللقاح هو الخط الأول لحماية مجتمعنا من تزايد أعداد المصابين، ولا أعرف في ظل الغياب الحكومي وانشغال نواب الأمة من أخاطب؟
يا شعبنا الكويتي.. القطار فات محطاتنا ونحن ما زلنا نتشاجر، والدول المحيطة تتقدم والكويت تتراجع بعد أن زاد (الهوى) وحط في مجتمعنا الإحباط والدندرة والانشغال عن الأولويات والدخول في باب الارتجال والهوى، مما أصاب مجتمعنا في مقتل!
يا شعبي الكريم.. الهوى الذي أقصده ميل الطبع الى ما يلائمه، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه، فإنه لولا ميله الى (المطعم – المشرب – الملبس – المنكح) ما أكل وشرب ولبس وتزاوج واشتغل.
يا شعبي الكريم.. إذن، فالهوى مستحث له لما يريده، كما أن الغضب دافع عنه ما يؤذيه فلا ينبغي (ذم) الهوى مطلقا ولا مدحه مطلقا، كما أن الغضب لا يذم مطلقا ولا يحمد مطلقا، ولما كان الغالب من مطيع هواه وشهوته وغضبه انه لا يقف فيه على حد المنتفع به أطلق ذم الهوى والشهوة والغضب لعموم غلبه الضرر، لأنه يندر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده، كما أنه يندر في الأمزجة المزاج المعتدل من كل وجه، بل لابد من غلبة أحد الاخلاط والكفيات عليه فحرص الناصح على تعديل قوى المصالح والغضب من كل وجه، وهذا أمر يتعذر وجوده إلا في حق أفراد من العالم، فلذلك لم يذكر الله تعالى (الهوى) في كتابه إلا ذمه وكذلك في السُنة لم يجيء إلا مذموما إلا جاء مقيدا كقول الرسول ژ: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به».
وقد قيل من العارفين: الهوى كمين لا يؤمن وسمي (هوى) لأنه يهوي بصاحبه ويدعوه الى اللذة الحاضرة ومصلحته فقط من غير تدبر في عاقبة الأمور.
لقد كثر الفساد وصرنا نعيش زمن الأفلام والمسرحيات وغابت هذه (القامات) العاقلة والراشدة التي توازن الأمور، وسيطر هوى القرارات، وضربتنا الكورونا في موجع بعد أن تخاذل البعض في سبيل هواه ومصلحته!
٭ ومضة: في مدلهمات الأمور والنوازل هناك معياران: معيار العقل ومعيار الدين وكلاهما تحكمه المصلحة العليا للبلاد والعباد.
٭ آخر الكلام: الإنسان العاقل والمواطن الشريف هو من يختار رفعة وطنه وشعبه بعيدا عن حصد المصلحة الخاصة وضرب القرارات ويتذكر دائما السابقات المروعات، فمحيطنا يغلي وعدونا يريد انتهاز الفرصة لا أوصلهم الله لمبتغاهم!
٭ زبدة الحچي: علينا أن نصحو ونتوازن ونرجع كما كنا رواد السبق في كل المجالات، فلنلطم كل صاحب هوى يريد بمجتمعنا ووطننا الشر، فهذا لا يطاع ويقال له كفى، أو يُطبق عليه القانون كائنا من كان.
ما أحوجنا الى الاعتدال اليوم في كل شيء، فلا تكون قاسيا فتكسر، ولا لينا فتعصر!
دعوني أذكركم بقول الشاعر أبي العلاء المعري:
فإن كنت تبغي العز فابغ توسطا
فعند التناهي يقصر المتطاول
إن عظمة الكويت مازالت في الأغلبية الصامتة وفي قدرتها على لجم التجاوز في زمن زاد فيه المتجاوزون على كل الأصعدة، وأقولها ختاما: كل التناهي غلط.. خير الأمور الوسط، وهنا الوسط كل هؤلاء الصامتين المعتدلين الذين شعارهم: زينة الغنى الشكر.. فما أحوجنا الى الإصغاء لنعيد التوازن النفسي الذي افتقدناه في مسرح الحياة عندنا، وعلى صوت القبيضة يقول الشاعر إيليا أبوماضي:
إن بعض القول فن
فاجـعـل الإصـغـاء فـنـا
تَـكُ كـالـحـقـل يـردُ
الـكـيل للـزارع طـنــا
ما أحوج حكومتنا ومجلسنا الى المستشارين الصالحين.. وللأمانة وللحقيقة (تعبنا نحن الشعب الكويتي الصامت).
يقول الشاعر والأديب والفيلسوف جبران خليل جبران:
وفي الزرازير جبن وهي طائرة
وفي البزاة شموخ وهي تحتضر
محفوظة كويتنا، ويبقى البيت الكويتي القديم رمزا لنا وقدوة، وكلنا يعلم: كل إناء بما فيه ينضح!
تعبنا والله من صفعة كورونا ومن الغوغائية، وحفظ الله الكويت من كل شر، وتبقى: الشكوى لغير الله مذلة!