لماذا تحدث وتنتشر الأوبئة بأنحاء العالم؟ – بقلم : د.هشام أحمد كلندر
الأمراض المعدية والتي تتسبب بها كائنات صغيرة مثل الفيروسات، ممكن أن تنتقل بوسائل وطرق متعددة.
إن ظاهرة انتشار مرض معد بشكل واسع في منطقة معينة ضمن نطاق زمني محدد يطلق عليها لفظ وباء (epidemic)، وفي حال انتشار المرض عبر العالم يسمى جائحة (pandemic).
شهد كل قرن أوبئة مختلفة، ففي القرون الماضية انتشر الطاعون والكوليرا والجدري والإنفلونزا الإسبانية وغيرها.
أما في القرن الحالي فهناك إيبولا، إنفلونزا الخنازير، والآن فيروس كورونا، وبدأ الحديث عن فيروس نيباه ومستقبلا الله العالم.
عادة ما يكون تفشي المرض ناتجا عن عدوى تنتقل إما من خلال الاتصال بين شخص وآخر، أو الاتصال بين الحيوانات والأشخاص، أو من البيئة.
من العوامل التي تساهم في حدوث وانتشار الأوبئة الممارسات الحياتية لشعوب العالم المختلفة، والزيادة السكانية، والعولمة، وسهولة السفر بسبب تطور وسائل النقل بين دول العالم والتي ساهمت بسرعة انتقال الأمراض، حيث أصبح انتشار الأمراض والأوبئة أمرا يصعب تفاديه.
أيضا قد يتفشى المرض بسبب التعرض للمواد الكيميائية أو المواد المشعة، وفي بعض الأحيان يكون سبب تفشي المرض غير معروف.
أيضا من العوامل البيئية المؤثرة في انتقال وانتشار الأمراض المعدية والتي قد تتسبب في الأوبئة المياه والصرف الصحي والغذاء والهواء.
كذلك هناك ملفات قد تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بذلك منها، التطور العلمي والتكنولوجي في الهندسة الوراثية والتعديل الجيني، والممارسات المخبرية التي قد لا تنضبط بأخلاقيات البحث العلمي، والتي قد يمتد أثرها على الجميع.
نأخذ على سبيل المثال الأغذية المعدلة وراثيا والتي ظهرت في السوق عام 1990 فهي تعتبر سلاحا ذا حدين، يطلق هذا المصطلح على المنتجات المحضرة من كائن نباتي أو حيواني معدل وراثيا عن طريق تحوير الحمض النووي.
ومن فوائد الأغذية المعدلة وراثيا أنها تكون عشرات المرات أكثر مقاومة للميكروبات، والنباتات الضارة، والمبيدات الحشرية.
فهي تدوم لفترة أطول عن طريق مقاومتها للظروف البيئية المختلفة، وينتج عنها زيادة في الإنتاجية، وتحسين القيمة الغذائية للمحاصيل والثمار، وكذلك تحقيق الربح المادي والاقتصادي.
في المقابل، لا نعلم آثارها على المدى البعيد على كل من البيئة وصحة الإنسان، رغم أن كثيرا من التقارير تفيد بمأمونية الأغذية المعدلة وراثيا بعمومها، ومن الممكن أن تؤدي استخدام الهندسة الوراثية إلى حدوث طفرات غير متوقعة.
لست هنا بصدد التحدث عن هذا الملف بإسهاب والتي تتعدد به الآراء بين مؤيد ومدافع وبين من هو معاد ومنتقد أو متحفظ من أضرار ومخاطر الأغذية المعدلة وراثيا على الصحة العامة والبيئة، لكن ما أريد أن أسلط عليه الضوء هو أن نكون مستعدين لأي وباء مستقبلي أو جائحة تصيب العالم، بغض النظر عن مسبباتها، التي في كثير من الأحيان قد تخفى علينا وان تبينت لنا فليس لنا القدرة على منعها.
الاستعداد يجب أن يكون على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات والدول والمنظمات الإقليمية والعالمية.
نحن الآن ما زلنا نعاني من جائحة كورنا، ومما لا شك فيه أن هذه الجائحة كشفت لنا الكثير من نقاط الضعف في أنظمتنا الحالية، التي تستلزم منا العمل على تفهمها ودراستها والعمل على حلها.
بعض الأخطاء قد تقع في ظل أي جائحة والمهم عدم الاستمرار بها وتداركها بشكل سريع. في المقابل أيضا في ظل هذه الجائحة تكونت لدى الدول خبرات جديدة للتعامل مع الظروف المختلفة، والتي أشجع وبشدة أن توثق بأسلوب علمي وعملي حتى تكون مرجعا للمستقبل.
على مستوى الأفراد، إن شاء الله سأفصل في مقالة قادمة وأذكر فيها نصائح عامة لأفراد المجتمع لكيفية الوقاية من الأوبئة قدر الإمكان وكيفية تقليل المخاطر الناتجة من هذه الأوبئة.
خارج النص:
الإنسان العاقل هو من يتعظ بغيره ويعتبر بما يجري حوله.
الإنسان العاقل هو الذي يكون صادقا مع نفسه منصفا لغيره.
الإنسان العاقل هو الذي يدرك تقصيره ولا يبرر أخطاءه.
الإنسان العاقل الذي لا يربي نفسه على حب هذه الدنيا الفانية، ولا يجعلها هدفا وغاية.
الإنسان العاقل الذي يربي نفسه على أن تكون الدنيا طريقا للآخرة، وأن كل شيء يهون في سبيل هذا الدين.