كان يا ما كان.. ذاك زمان وهذا زمان!- بقلم : محمد الصقر
تطالعنا أخبار مسموعة ومقروءة ومرئية، غريبة ومريبة ومؤسفة، عن تجاوزات للقوانين الأمنية بلغت حد الاعتداء على رجال الأمن أثناء قيامهم بواجبهم الرسمي للضبط والربط الأمني المطلوب، تدخلت دونها توصيات وواسطات وتهديدات بالفصل الوظيفي عقابا للمعتدى عليه وليس للمعتدي بتدخل متنفذي الوقت الضايع لقلب الحق بالباطل على حساب من يؤدي واجبه الرسمي بشعار على صدره وجبينه يحمل صفة مهنته وواجب احترام تسميته ضابط أمانها وأمنها وهيبته، تجاوزها مارق أرعن لا ولاء له ولا انتماء لهذا الوطن مثله كثيرون يوميا استباحوا هذا الشعار بحجج واهية «أحداث، غير واع متعاط، مريض نفسي، خريج سجون، له سوابق.. وغيرها!» وهكذا تضيع السالفة بالتنازل دون عقاب أو رد اعتبار للدولة وشعارها!
وهكذا تتكرر حوادث التجاوزات المعكوسة مع المعلم وتلاميذه، والطبيب ومرضاه، والموظف النزيه ومراجعيه، والإمام العادل ومتابعيه، والإعلامي المتميز وجمهوره، والكل يستبيح القانون بدون تكلف، فضاعت للأسف الفضيلة، ومن الأمثلة تجاوزات قيادة المركبات خاصة وعامة، كسيارات الأجرة للغالب منها وباصات النقل العام، ومركبات الدفع الرباعي الشبابية بالذات! وشاحنات المشاريع العملاقة وقت ذروة الاختناقات على الطرق السريعة والشوارع الداخلية، مع رعونة في القيادات تتجاوز أي معقول بحجة المشاريع! فيتسببون بحجز سيارات الإسعاف والطوارئ، ومرور الداخلية تكتفي أحيانا بألوان الإضاءات لعدم قدرتها على ضبط وربط انسيابية المرور وقت الذروات رغم مجهوداتها معظم الأوقات لحزم وحسم تلك التجاوزات الخارجة عن السيطرة معظم الأوقات، تحولت الاختناقات لكل المحافظات صبغة ولوحة مؤلمة مع حظر آخر القرارات!
من يتصدى لحسمها وتفكيك نغمتها النشاز بالطرقات يوميا بالذات مخارج ومداخل العاصمة والمدن الصناعية كالشويخ والري والشعيبة والجهراء ومدن الأمن الغذائي الصليبية وكبد والهجن والوفرة والعبدلي، كان يا ما كان ذاك زمان وهذا زمان، جدولة بدايتها ونهايتها على مدار الساعة حضرا وحاضرا! وهمسة عن الماضي الجميل وهيبته للعيال اليوم كنا أطفالا في خمسينيات القرن الماضي بمدينة حولي الزراعية آنذاك قبل تسميتها محافظة للقرن الماضي للعام الميلادي 1954م عام الغرقة بمياه أمطارها وسقوط معظم منازلها الطين تم إسعافنا ونقلنا لأول مركز صحي ومستشفى لايزال يجاور محافظة حولي ومجمع الرحاب (مزرعة المغفور له بإذن الله أميرنا الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه).
ومدرسة حولي المتوسطة آنذاك كانت ملجأ للمتضررين من غزارة أمطار ذلك العام حتى نهاية أزمتها وتشييد أول مخفر للشرطة مجاور للمحافظة، كنا نتجمع وأطفال جيلنا بانتظار جولة رئيس المخفر عصرا بالجيب وسائقه المرحوم عبداللطيف الخراز الذي كان صديقا لوالدي ورجال ذلك الزمن وبمجرد اقتراب الجيب المكشوف نفر هروبا لمنازلنا خوفا من مواجهة ضابطنا الكبير بهيبته وتحاشيا لزفته الأبوية والطلب منا عدم الخروج للطرق مساء تفاديا لأخطار الطرق البرية.
هكذا كان الحال الأمني، أما الصحي فأتذكر الطبيب المصري، رحمه الله، د.سعيد النجار وجولته المسائية بسيارته المكشوفة لمعالجة المواطنين والوافدين بالطرق المحيطة وتوفير العلاج اللازم لهم بما تحمله حقائبه من مراهم للعيون وشراب للبرد وحبوب للصداع وسماعته للقلب وأخرى للضغط وغيرها للعلاج المطلوب بروح أخوية أبوية للجميع تطوعا بعد فترة دوامه الرسمي صباحا، يا ليت تتذكره وزارته لتسمية الصحة المدرسية باسمه أو أحد مراكزها الصحية بحولي كمحافظة، يستاهلها وزميله السوري د.يحيى الحديدي الذي كرمته الكويت بعد أميرنا الراحل عبدالله السالم، طيب الله ثراه، بالجنسية الكويتية لمتابعاته الوضع الصحي لفترات طويلة استحق تقديرها.
هكذا كانت بساطة وهيبة الأداء وتقديرا للكل ببصمات كويتية غير منسية من أهلها لمن يخلص لها اليوم ودوم بسلامتكم. أكرموها أكرمكم الله.