سجادة «الصلاة» عبر التاريخ! – بقلم : يوسف عبدالرحمن
سآخذكم اليوم في رحلة عبر التاريخ مع سجادتكم!
نعم.. لا تناطرني (سجادتك) التي تُصلي عليها في كل فرض وأصبحت الآن إلزامية في الزمن الكوروني 20 – 2021م لها تاريخ ممتد ومؤتمرات وفعاليات خاصة في السنوات الأخيرة، حيث اعتبرت الفنون الإسلامية أن هذه السجادة اليدوية من ضروريات العبادة، فلا يرتاح المسلم إلا بفرشها والصلاة عليها، وازدادت هذه السنوات أهميتها منذ 2020 – 2021م لأنها أحد اشتراطات الدخول إلى المساجد (بيوت الله) حفاظاً على المؤمن بألا يصاب بهذا الوباء.
لا شك أن السجادة لها دلالة وخصوصية في نفوس الناس، فعندما يشترونها يدققون كثيرا فيها من حيث اللون وجودة الصناعة وأخذ ما صُنع منها جديدا، خاصة الأتراك والمصريين وأهل المغرب العربي ولبنان وسورية وإيران والآسيويين في الهند وبنغلاديش، وما وصل الصانع لها من رقي وابتكار وصنعة وعناية بزخرفتها ونقوشها ما جعلها رمزا للعالم الإسلامي، وهذه فرصة لنشيد بالجهود التركية والإيرانية والأذربيجانية والمملكة المغربية وتونس والجزائر ومصر وأوزبكستان ومركز الكويت للفنون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية.
لا تستهينوا بأمر السجادة ومحضنها ومصنعها وصانعها، فهي ليست سجادة للصلاة، وإنما هوية وانتماء وجسر تواصل مع الشعوب، وهي بكل صراحة من أدوات تحريك الأطر الاقتصادية، إذا أُحسن توظيفها، وهي بلا شك (ابتكار وإبداع) تألقت عبر العصور، ونحن في الكويت مرت علينا أشكال وألوان من هذه السجادات بألوانها وزخرفتها وبعضها فيه بوصلة لمعرفة القبلة.
هناك جهود عظيمة ومقدرة للأخ فريد العلي الذي عرفني برحلة هذه السجادة من خلال إهدائي مطبوعة جميلة بعنوان «رحلة مع سجادة الصلاة عبر التاريخ» وإني له من الشاكرين، فلقد ثقفني هذا الكتاب الجميل بكل ما كُتب فيه من أبحاث وملفات وألحق به من صور لهذه السجادة الأصيلة المرتبطة بوجدان كل مسلم موحد، ومرتبطة بالعبادات والشعائر، وهي والله ليست قطعة نسيج مفروشة لصلاة المسلم المصلي، ما يعكس وظيفتها، الموضوع أكبر، فهي هوية وتعريف وأداة ورؤية جمالية لمن اختارها بذوقه.
إن عرضي لكم (السجادة) اليوم قد يفتح لكم أبعادا ومقاصد جليلة أهمها رصد انعكاس الرؤية الفنية على لوحات السجاد، وهي رؤية تمتاز بالتنوع الممتد امتداد الجغرافيا الإسلامية، خاصة في السجاد التركي والإيراني والعربي وما تتركه من أثر نفسي ووجداني للمسلم، فموقع نظره وبصره يتماوج ويتناغم مع محيطه، فإن كانت سجادتك مريحة انعكس هذا على نفسيتك وصلاتك وركوعك وسجودك وتبتلك بالدعاء وتأملك.
من أكبر المحاذير إدخال صور الكائنات الحية ووضعها على وجه السجادة، وأيضا إذا زادت الألوان والنقوش وصارت تشتت البصر، واطوِ السجادة وارفعها حتى لا تصلي عليها الشياطين من الإنس والجن.
٭ ومضة: السجادة هي قطعة ضرورية لأداء عبادة الصلاة، وعلى المصلي أن يختارها بعناية فائقة ويبعد عنها أشكال الكائنات الحيوانية ما يجليها على مستوى الإنجاز، فالطيب للطيب.
تعتبر حياكة السجاد اليدوي من أقدم المهن والحرف اليدوية حالها حال السجاد الإيراني والتركي والكشميري، والبعض يؤكد أنها قدمت لنا من الصين قبل 2500 سنة خلت.
٭ آخر الكلام: كلمة (السجاد) والتي تسمى في المغرب العربي (الزربية) وجمعها زرابي، قد ذكرت في القرآن الكريم في سورة الغاشية، قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ..).
٭ زبدة الحچي: السجادة اشتقت من كلمة السجود ويُطلق عليها الزربية والبساط وهو كل ما يُبسط على الأرض، وقد أبدى كثير من المستشرقين إعجابهم بهذه السجادة التي حوت عبارات شكر وإعجاب من مختلف الشعوب لحرفيتها اليدوية.
لقد أورد ذكرها الرحالة عبر التاريخ وبلغ أوج انتعاشها خلال القرنين 10-11هـ الموافق 16-17م وصارت اليوم عنوانا للمسلمين في العالم.