الحركة التقدمية الكويتية: اقتراح تنقيح المادة ٧٩ من الدستور محاولة لشقّ الصفوف الشعبية وإشغال الناس عن أولوياتها وخطوة لإلغاء الطابع المدني للدولة
في الوقت الذي تتوحد فيه جهود الخيرين من أبناء الشعب الكويتي نحو التصدي لقوى الفساد؛ وللحدِّ من سطوة قوى النفوذ؛ وللدفاع عن حقوق الشعب وحرياته؛ ولتحقيق العفو عن المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية؛ ولإلغاء ما تبقى من القرارات الجائرة بإسقاط الجنسية الكويتية، ولقطع الطريق على التوجهات الاقتصادية التي تسعى لتحميل الناس المزيد من الأعباء المعيشية، يأتي أحد أعضاء مجلس الأمة ويتقدم باقتراح تنقيح للمادة ٧٩ من الدستور، بحيث تتغيّر الأولويات وينشغل المجتمع الكويتي عنها في مسائل خلافية.
هذا من حيث التوقيت، ولكن يجب أن يكون الأمر واضحاً بالأساس من حيث المبدأ، ذلك أن تنقيح المادة ٧٩ من الدستور بحيث لا يصدر قانون بعد إقراره من مجلس الأمة وتصديق عليه الأمير إلا إذا كان متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية، من شأنه أن يفرض جهة جديدة غير منتخبة تمثل مرجعية دينية وتكون كلمتها فوق سلطة مجلس الأمة وسلطة الأمير الشريكين الدستوريين في السلطة التشريعية عند سنّ القوانين، بحيث تكون لهذه الجهة المرجعية الدينية سلطة الفصل في مدى توافق أي قانون يتم تشريعه مع الشريعة من عدمه، وهذا ما يتجاوز أيضاً أحكام المادة الثانية من الدستور المتصلة بكون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع.
ومن دون مبالغة فإنّ مثل هذا التعديل للدستور سيؤدي في حال إقراره إلى إلغاء الطابع المدني للدولة الكويتية والعمل على تحويلها إلى دولة دينية، وهو المشروع الذي ابتليت به عدد من البلدان والشعوب العربية وذاقت الأَمَرّين من ويلاته جراء التطرف والتزمت والتضييق على الحريات وخصوصاً الحريات الشخصية وحرية الاعتقاد، والوصاية على حياة الناس والتدخل في شؤونهم الخاصة واختياراتهم ونوعية حياتهم، وكذلك تقييد حرية التعبير وللإبداع الفني والثقافي، ناهيك عن تكريس الطائفية.
ومن هنا فإننا نهيب بالقوى الحية في المجتمع الكويتي إلى رفض هذا الاقتراح والتصدي لمساعي إلغاء الطابع المدني للدولة وتحويل الكويت إلى دولة دينية، والتأكيد على أن أي تنقيح للدستور يجب يكون نحو مزيد من الحريات والمكتسبات الديمقراطية.
الكويت في ٢١ مارس ٢٠٢١