عباءة الحكومة… مظهرٌ أم جوهر؟ ،،، كتب – أحمد الجارالله
هل يُمكن الخروج من المأزق الحالي الَّذي تعيشُهُ الكويتُ بسبب غياب القرار، وعدم القدرة على مواجهة المشكلات وحلها؟
الجوابُ لا يحتاج إلى كثير من الكلام، بل ينحصر في عبارة واحدة، وهي العودة إلى الدستور، بكلِّ مندرجاته التي جعلت الكويت في ستينات وسبعينات القرن الماضي تتبوَّأ مكانة مهمة في الإقليم، وتصبح واحة ديمقراطية حقيقية، ليس فيها أيُّ منغصات تُثقل على المواطن، أو تُضعف أداء الأجهزة الرسمية، أما في حال العجز فلا بد من الذهاب إلى آخر الدواء، أي الكي.
ما نعيشه، اليوم، نتيجة طبيعية لممارسات مستمرة منذ منتصف الثمانينات، تسبَّبت بالأزمة العميقة التي جعلت المواطن يخاف من غده، في ظلِّ غياب رؤية واضحة لوظيفة الدولة، بعدما استشرى الفساد، وتغلبت الانتقائية على المساواة في تطبيق القانون، ولهذا سقطت كلُّ المحاولات للخروج، مثلاً، من الأزمة المالية والاقتصادية بسبب الركون لآراء مجموعة من المتشائمين، الذين صوَّروا العدالة الاجتماعية استحواذاً على المال العام، ومقدرات الناس، فيما هم يُعبرون عن رغبة في زيادة ثرواتهم، ومنع حتى الفتات عمَّن يستحقون المساعدة.
منذ نشوء الكويت قبل أربعة قرون، كانت هناك علاقة ودٍّ بين النظام والشعب، لم يكن فيها أي إحساس بالغُبن، أو الضغينة؛ لأنَّ العدالة الاجتماعية قامت على المبدأ الصحيح، وهو رفع الظلم عن المُحتاجين، أو المعسرين، من دون محاباة استناداً إلى مصالح ضيِّقة، أو تدليس.
كلُّ هذا تغيَّر حين بدأت لعبة الهيمنة على الوظائف تتحوَّل استثماراً انتخابياً، ووجاهة قبلية وطائفية، ما أدى في النهاية إلى المشهد الذي نحن عليه حالياً، ولذلك فإن الدولة مطالبة، ودرءاً للمخاطر التي يتسبب بها هذا المرض، بإعادة اللُّحمة بينها وبين الناس، وأن تخرج من شرنقة الحسابات الضيقة، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا المعيشية، والإسكانية والاقتصادية، والحريات، والعودة إلى ما كانت عليه قبل تلك المرحلة التي أدخلتنا في عتمة نفق الأزمات الذي نتخبَّط فيه حالياً.
للأسف، إنَّ الأزمات الحالية تشكل أهم عامل استثمار سياسي لابتزاز الحكومة، خصوصاً على المستوى النيابي، إذ يعمل هؤلاء في ظلِّ غياب البرنامج الحكومي على استغلال المشكلات في تسويق أنفسهم، أكان على صعيد الأزمة الإسكانية، أم في الاقتراحات الاقتصادية والمالية، التي تلامس مشاعر الكويتيين، أكان لجهة القروض وإسقاطها، أم التحفيز، الذي لايزال شعاراً يُردِّدُهُ الوزراء، فيما لم يُقدِّموا أيَّ حلٍّ واقعيٍّ.
إضافة إلى هذا، فإن الصورة التي ترسمها وسائل التواصل الاجتماعي تُبيِّن النِّظام كأنه وحش، لكن رغم عدم مطابقة ذلك للحقيقة، إلا أنَّ غياب الحزم والقرار، وعدم القدرة على تسويق الحكومة والنظام، جعلا نسبة كبيرة من المواطنين تقتنع بتلك الفِرْيَة، لكن إذا طُبِّق المثل الخليجي: “في العباءة رجل”، وَعَبَّرَ جوهرُ الحكومة عن مَظْهرها فإنَّ كلَّ هذا سيزول، وإلا فإنَّ الأزمات ستتوالى، ولن يكون هناك مخرجٌ من النفق.