مأزق الديموقراطية في أثينا – بقلم : هند الشومر
لم يدر بخلد سكان أثينا منذ عقود طويلة أن كلمة «الديموقراطية» التي ابتدعوها سيتم تداولها على هذا النطاق الواسع بمختلف لغات العالم وعلى امتداد الأرض وبأهداف ومفاهيم وممارسات مختلفة من مكان لآخر وبينما هي في الأصل تعني حكم الشعب لنفسه ولمصلحته، فإن أسلوب الممارسة قد يفرغ بعض أنواع الديموقراطية من جوهرها ومن ثم يصبح الشعب على هامشها.
ومن العجيب أن معظم القرارات الديكتاتورية التي تصدر في غيبة عن الشعب وتحيد عن مصالحه تجد من يحاول إلباسها ثوب الديموقراطية.
وعندما يعلم الشعب، على اختلاف مكوناته، أن الديموقراطية تعني «حكمه لنفسه ولمصلحته» فإنه قد يصاب بالصدمة إذا لمس الفجوة بين النظرية والتطبيق على أرض الحياة.
وما يدعو للدهشة أن تتحدث عن الديموقراطية في غياب حرية الرأي والانتخابات الحرة النزيهة وفي وجود ممارسات التزييف لإرادة الناخب أو وضع عراقيل وحواجز أمام إرادة الشعب للحيلولة بينها وبين تمثيله الصادق في المجالس التي تترجم الديموقراطية إلى ممارسات يومية.
أما نشر ثقافة ومفهوم وركائز الديموقراطية ومراقبة تطبيقها فهو مسؤولية الشعب الواعي المدرك لأهميتها وجدواها، وفي أنظمة كثيرة تصل قيادات دكتاتورية إلى القمم ولكن للأسف الشديد من خلال ممارسات ديموقراطية.
ولعل النماذج المتعددة للديموقراطية تعطي أمثلة جيدة عن الممارسة على أرض الواقع، ولكن يبدو الأمر مختلفا عندما نرى مأزق الديموقراطية في مواقع متعددة، ونرى أن كلمة ديموقراطية أصبحت كلمة حق يراد بها باطل ويتشدق بها مستخدموها لتحقيق مصالح وأهواء خاصة بعيدة عن حكم الشعب لنفسه ولمصلحته، إذ إنه ليس من مصلحة الشعب أن تفرز الديموقراطية تشريعات تسلبه حقوقه الأساسية أو تعرقل طموحاته نحو صون الحق في التنمية.
ويقع على عاتق المفكرين والسياسيين وقادة المجتمع العبء الكبير ليقوموا بمسؤولياتهم لنشر ثقافة الديموقراطية والتوعية بها وممارساتها وأنها ليست مجرد تاريخ من أثينا منذ عدة عقود، بل إنها ضرورة حتى في أوقات الأزمات والمحن، بل إنها ضرورة للحياة الحرة الكريمة ولصيقة بحقوق الإنسان الأساسية.