العلماء يدحضون مزاعم أن اللقاح يساهم في نشر سلالات جديدة لـ”كورونا”
تؤكد منظمة الصحة العالمية رفضها لإدعاءات مفادها أن اللقاحات المستخدمة حالياً ضد “كوفيد-19″، تساهم في نشر سلالات متحورة من فيروس كورونا المستجد.
فقد انتشرت على الشبكة العنكبوتية في فرنسا مؤخراً تقارير تدّعي أن الأشخاص الذين تمّ تطعيمهم بلقاح ضد “كورونا” أصبحوا مرشّحين أكثر من غيرهم لإصابة الآخرين بـ”سلالات قوية” من الفيروس، غير أن منظمة الصحة العالمية، وعلماء المناعة يؤكدون أن هذه الإدعاءات لا أساس لها من الصحة ولا تستند على ركائز علمية.
وفي تصريح لـ”يورونيوز” يشير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، البروفيسور لوك أونيل إلى أنه “ليس ثمة دليلٌ” على ما يدّعيه البعض بأن الأشخاص الذين تمّ تطعيمهم ضد كورونا أصبح لديهم إمكانية أعلى على نقل العدوى بسلالات متحورة وأكثر قوة للفيروس، بل على العكس “إنه لمكافحة انتقال العدوى، يعدّ التطعيم جزءاً من الحلّ إلى جانب التدابير والقيود التي تفرضها السلطات الصحية حالياً”.
المعلومات المضللة بشأن “كورونا” واللقاحات المضادة للفيروس، والتي انتشرت على الإنترنت، تعدّ واحدةً من المعوِّقات التي تعرقل عمل الحكومات الأوروبية بشأن برامج التلقيح المعتمدة لديها.
ففي استطلاعٍ للرأي أجرته وكالة الأبحاث “إبسوس” في شهر آذار/مارس المنصرم، تبيّن أن فقط 59 بالمائة من البالغين في فرنسا يعتزمون تلقي التطيعيم، مقارنة بـ85 بالمائة من إيطاليا، و82 بالمائة في إسبانيا.
ويرى البروفيسور لوك أونيل، أستاذ الكيمياء الحيوية وعلم المناعة في كلية ترينيتي بالعاصمة الإيرلندية دبلن، أن الخطوة الأهم في مسار مكافح كورونا هو “نشر اللقاح”، ويقول: “إن أي تشكيك باللقاحات وفعاليتها، إنما يبعث برسالة مناقضة تماماً (لمهام القضاء على الفيروس)”، مشدداً على ضرورة أن يتمّّ تطعيم أكبر عدد ممكن من البشر من أجل الحيلولة دون ظهور سلالات متحورة من الفيروس ومن أجل وقف انتشاره.
معلومات مضللة
انتشرت الأسبوع الماضي، على وسائط التواصل الاجتماعي في فرنسا، مزاعم تقول إن اللقاحات المضادة لـ”كوفيد-19″ تتسبب في ظهور سلالات جديدة لفيروس كورونا، وشاركت عدة صفحات رابطاً لمقال يدّعي أن المواطنين الذي تلقوا اللقاح، هم “قنابل بكتريولوجية موقوتة” وأنهم “خطر على المجتمع”.
ويوغل المقال، الذي يخلو من أيّ أدلة علمية، في افتراءاته إلى حد ادّعى فيه أن الأشخاص الذي تلقوا اللقاح “تعززت لديهم إمكانية أن يصيبوا أشخاصاً آخرين بسلالات أقوى”، ويشار إلى أن هذا المقال المضلل انتشر على “فيسبوك” حيث حصد أكثر من 33 ألف إعجاب ولقي 52 ألف متابع، كما انتشر مواقع أخرى كـ”تويتر”.
لكن منظمة الصحة العالمية، التي كانت تتعقب طفرات الفيروس والمتغيرات الطارئة عليه منذ بداية تفشي الوباء، لطالما أكدت على عدم وجود أدلة تدعم تلك المزاعم، ويقول البروفيسور أونيل في هذا السياق: “إن اللقاحات تقلل من تكاثر الفيروس، ولا تتسبب في إنتاج سلالات متحورة”.
“الاستجابة المناعية”
وتوضح منظمة الصحة العالمية أن الفيروسات بطبيعتها تتكاثر وتتغيّر فيما يُعراف بـ”الطفرات” التي يمكن أن يكون لها أيضاً اختلافٌ في التسلسل الجيني، وقد ظهرت بالفعل سلالات جديدة من فيروس كورونا في الأشهر الأخيرة داخل المملكة المتحدة وفي جنوب أفريقيا والبرازيل، تلك السلالات التي عُرف عنها أنها أسرع انتشاراً بين البشر.
لكنّ عملية تغيّر وتحوّر فيروس كورونا ليست مرتبطة باللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″، وإنما يمكن لتلك العملية أن تحدث حينما ينتقل الفيروس وينتشر بين البشر، وفي هذا الصدد، يقول البروفيسور أونيل: إن ظهور أنواع مختلفة من الفيروسات هو “عملية عشوائية”.
ويضيف أونيل: “في كل مرة ينقسم فيها الفيروس ويصنع لنفسه نسخة متحورة، فإنه يرتكب خط بسيطا، وثمة احتمال أن تكون هذه الأخطاء أكثر تعقيداً”، ويتابع بالقول: “تُمكّنُ اللقاحات جهاز المناعة البشري من قتل الفيروس، ما يمنعه من التكاثر، وبالتالي تقلل من فرصة ظهور سلالات متحوّرة له”.
ويوضح العالم أونيل أن “اللقاح يعزز الاستجابة المناعية، لذا لا تظهر السلالات المتحوّرة (للفيروس) في الأشخاص الذين تم تطعيمهم على الإطلاق، إنما من المرجح أن تظهر في الأشخاص الذين ليس لديهم استجابة مناعية”.
ويجدر بالذكر أن أكثر من 125 مليون شخص حول العالم أصيبوا بفيروس كورونا المستجد، توفي منهم أكثر من 2.8 مليون شخص، وذلك منذ أن اكتشفت أولى حالات الإصابة بالفيروس في الصين في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام قبل الماضي.