الكويت – النخبة:
“الجَمال يبدأ من الرأس الذي يكون عليه التركيز، وطراوة الأذن، وحجم العينين واتساعهما، والرقبة، والجسم، والظهر أيضاً” معايير الجمال هذه التي يذكرها عبدالله الداهوم ليست خاصة بالنساء في مسابقة لاختيار ملكة جمال، وإنما بالماعز، من أجل اختيار أجمل معزة.
الداهوم، أو أبو جراح كما يناديه المقربون منه، رئيس مهرجان و”مزاين” (مزارع) الخليج الأول للماعز الأبيض في الكويت، يجلس في صالون بيته وعلى يمينه ويساره الشهادات والجوائز التي تحصّلت عليها معزاته، كان فخوراً بها، وحينما يشرع في تعداد مزاياها تلمع عيناه بكثير من الاستمتاع.
وعن العيوب التي من الممكن أن تقصي إحدى المعزات من التنافس، يتردد أبو جراح قليلاً قبل أن يجيب عن سؤال لموقع “هاف بوست عربي”: “لا يوجد ما يشينها، لأن كل نوع يختلف عن الآخر، فأنا مثلاً “المزاين” التي أشرف عليها متخصصة فقط في نوع معين، وكل فئة من الماعز لها مزاين خاصة بها، إلا الماعز الأبيض المطور، فلم يكن له مزاين خاصة، وأنا مَن أسسته ونظمت مهرجاناً خاصاً به ومسابقة اختيار أحسن معزاته”.
ملكات جمال “مغشوشات” ورغم حداثة عهده في الاهتمام بالماعز، فإن رئيس مهرجان ومزاين الخليج الأول للماعز الأبيض المطور عبدالله الداهوم، استطاع أن يترك بصمةً لم يسبقه أحد إليها. بعدما اشتهر مهرجان أبو جراح لاحظ أن بعض المتنافسين يقومون بإجراء عمليات تجميل للماعز، حتى يزيد جمالها، ومن ثَمَّ يقوم بإشراكها في مهرجانات الماعز حتى يرتفع سعرها أضعافاً كثيرة، وهو ما يعتبره خداعاً صريحاً: “التجميل لا يقتصر فقط على الماعز، بل يشمل أيضاً العديد من الحيوانات الأخرى، وهو أمر يحدث منذ فترة، نحن لا نريد أن نطعن في أحد، ولكننا نرصد الحالات التي رأيناها، حيث إن البعض يستخدم مادتي السيلكون والفيلر لتكبير الخدود والشفاة وحجم الوجه”. وعن ارتفاع أسعار الماعز بعد إجراء عمليات التجميل يقول الداهوم “هذه العمليات ترفع سعر الماعز من 600 دولار إلى 15 ألف دولار، وتجري على يد أطباء بيطريين بسرية تامة في الجواخير (الإسطبلات). جهاز كشف التجميل الغش والتلاعب للحصول على جوائز مهرجان الماعز ورفع أسعارها جعل المنظمين يهتدون إلى أجهزة لكشف المتغيرات الطارئة على جسد وشكل العنزات المترشحات، عبر الاستعانة بخبرات الأطباء البيطريين المختصين، وكذلك أحدث التكنولوجيات في هذا المجال، كما يشرح أبو جراح في حديثه لـ”هاف بوست عربي”. “في البداية لم أكن متأكداً من جودة هذا الجهاز، ولكني تأكدت من دقته عندما أخبرني أحد الأطباء البيطريين الذين يقومون بفحص الماعز، أن ثمة واحدة بينها لديها ضربة في رأسها، وقد اكتشف الجهاز هذه الضربة، وللأمانة لم تكن هذه الحالة يقصد منها الغش أو الخداع، وإنما بيّنت لي دقة الجهاز”. وحول الحالات التي أُجريت فيها عمليات تجميل بقصد الغش وتم اكتشافها، أجاب بالقول: “في مزاين قبيلة عنيزة، الذي عقد في نوفمبرالماضي، تم اكتشاف هذا الخداع المتعمَّد، حيث كانت هناك حالات تم حقنها بالسيليكون والفيلر، وتم اكتشافها في ذلك الوقت”. وعما إذا كانت هذه الماعز معروفة لأعضاء لجنة تحكيم تلك المسابقات، أوضح قائلاً: “معروف مالك الماعز، لكن لجنة التحكيم لا تتعرف على المالك حتى تكون هناك حيادية في التقييم”. لكن الجهاز السحري الذي يعتز به أبو جراح غير معترف به حتى الساعة من طرف السلطات الكويتية، ورغم مطالباته المتكررة بالسماح له باستيراده واعتماده، إلا أن المسؤولين قالوا إنهم لا يستطيعون إدخاله، طالما أنه لم يعتمد من قبل الجهات الرسمية ، ليضيف متحسراً: “نتمنى سرعة الانتهاء من تراخيصه وإدخاله بشكل رسمي، فعندما أعلنتُ أن لدي هذا الجهاز تراجع الكثيرون عن المشاركة خوفاً من كشف تلاعبهم”. المنع والفضح.. عقوبات للغشاشين وعن العقوبات التي تفرض على الشخص الذي يقوم بعمليات تجميل لماعزه حتى يزيد من سعرها، قال الداهوم “إذا ثبت ذلك، يتم إعلان اسم الشخص أمام الجمهور ليوضح إذا كان قد اشترى من شخص آخر أو لا، حتى يبرئ نفسه، وإذا ثبت تعمُّد الغش يمنع من الاشتراك في المسابقات”. فضح الغشاشين لا يتساهل فيه أبو جراح، إلى درجة أنه أعلن للجميع في إحدى دورات المهرجان أنه “حتى لو كان الشخص الذي قام بالخداع أخي أو ابني أو أبي أو أمي فسأقوم بالإعلان عن اسمه”. وللتضييق على المتلاعبين فإن معايير المنافسة والتربية التي يعتمدها الداهوم صارمة جداً، وهي ما يعتبرها سرَّ نجاحه، حينما انطلق في 2015 كانت أسعار الماعز الأبيض المطور رخيصة، ولم يكن أحد يهتم بها. وللترويج لها جاءته فكرة المسابقة، وخصص 9 آلاف دينار كجوائز، واستدعى وسائل الإعلام لتغطية الحدث، كما أنتج أول فيلم وثائقي في الجزيرة العربية خاصاً بتربية الماعز. خطة الداهوم الترويجية أثمرت حينما باع إحدى عنزاته بأعلى سعر مند انطلاق مشروعه، حيث وصل ثمنها إلى 48 ألف دولار كما يحكي والبسمة مرتسمة على وجهه “بعتها للدكتور إياد الصالح، حاصد النوادر والمربي الكبير، الذي اشترى من عندي الكثير من الماعز المميزة”. فخر أبو جراح واعتزازه بمعزاته البالغ عددها 120 رأساً جعله يقضي جلَّ أوقاته في مزرعته، وقد تمضي عليها خمسة أيام متتالية دون أن يتركها، خاصة حينما تكون بحاجة إلى مزيد من الرعاية مع اقتراب أحد المهرجات التي يكون مدعواً إليها في منطقة الخليج، حينها تكون الماعز بحاجة إلى مجهود مضاعف حتى تظهر في كامل تألقها. ومن بين وسائل الرعاية بحسب رأيه، الاهتمام بالأكل النظيف في ساعة محددة، وعدم تركه أكثر من ساعتين أمامها، لكن أهم شروط الرعاية على الإطلاق هي توفير فحل في نفس مستوى جمال العنزة، أو حتى أرقى، كما يقول بحماس “كما تعبت على العنزة، فلا بد من التعب على الفحل، فلا يمكن أن آتي بفحل عراقي أو باكستاني لمعزة غالية الثمن”، بهذا الشرط يكون أبو جراح قد ضمن جودة نسل معزاته، ومعها سعرها الذي يرتفع يوماً عن يوم.
قصة أبو جراح مع الماعز بدأت في 2015، حين تخصّص في الماعز الأبيض المطور، وأسَّس مهرجاناً له، وخصَّص جوائز بآلاف الدولارات لأصحاب أفضل ماعز يشاركون في مهرجانه.
No related posts.