«ممنوع التجول» تجاوز ممنوع العرض بالرضا
ما بين الواقع والخيال الدرامي تدور أحداث مسلسل «ممنوع التجول» ذي الحلقات المتصلة المنفصلة في محاولة لمحاكاة الحياة اليومية في ظل جائحة كورونا وتأثيرها على روتين يوميات الناس ونمط المعيشة وتعاطيهم مع كل ما يدور حولهم من احداث، حيث لم تخل الحلقات من الإسقاطات الاجتماعية والسياسية بقالب كوميدي، وهذا النوع من الاعمال هو ذاته الذي تميز بتقديمه الفنان ناصر القصبي منذ بداياته اللامعة في الدراما من خلال «طاش ماطاش».
ما بين العمق والجودة
«ممنوع التجول» اشترك بكتابة حلقاته عدد من المؤلفين، لكل كاتب مجموعة من الحلقات، وعلى الرغم من اختلاف نوع المواضيع المطروحة فيه عما هو مقدم في الدراما الخليجية فيما يتعلق بحكايا «كورونا» إلا أن حلقاته تأرجحت ما بين العمق والجودة في الطرح في عدد من الحلقات من حيث ربطها بواقعنا وضعف المضمون وتقديم ما هو دون الممتاز من حيث متانة النص والحبكة محكمة الصنع.
تأرجح المضمون
وعلى الرغم من هذا التأرجح في مستوى المضمون، إلا أن العمل استطاع ان يحجز موقعا متقدما في مراكز المشاهدة من قبل الجمهور وسط هذا الكم المقدم على المائدة الدرامية الرمضانية من أعمال كوميدية اتسمت بالهرج وفقدان المضمون حتى لم تصل الى مستوى الضحك من اجل الضحك.
«ممنوع تجول» القصبي تخطى خطوط «ممنوع العرض» التي كانت عبارة عن أسلاك شائكة يصعب تجاوزها سابقا فكان يضطر الى الرمزية والالتفاف لتقديم مضامينه ذات الخطوط الحمراء، وقد تجلى هذا الرقي في حرية الطرح ضمن حدود المعقول من خلال حلقة «اخطر من كورونا» والتي طرحت قضية العنصرية والتنمر على الآخر والطائفية والمذهبية بشكل لائق جدا، ولاقت هذه الحلقة استحسان المتابعين عبر الوطن العربي، ولمسنا ذلك من خلال تعليقاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
على المستوى الاجتماعي التوعوي حصدت حلقتا «بلسم وسنة الصخونه» ردود أفعال إيجابية واسعة، حيث تعاطى حتى الأطباء عبر «السوشيال ميديا» بإيجابية وعبارات الشكر للقائمين على العمل تعقيبا على الحلقة والتي قدمت يوميات الأطباء العاملين في الصفوف الاولى والجهود التي يبذلونها من اجل سلامة الناس، ودور الهيئة التمريضية هذا من جانب، أما الجانب الاجتماعي فهو تلك النظرة السلبية التي كان ينظر من خلالها للعاملين في مجال التمريض ليعكس العمل الصورة الحقيقية لهؤلاء الذين يبذلون كل ما بوسعهم من اجل الآخرين.
صورة درامية
حلقة «بلسم سنة الصخونه» من تأليف الكاتبة الكويتية منى الشمري والتي أبدعت برسم صورة درامية مؤثرة لما قد يكون أول حجر منزلي مر على الكويت عام 1831 عندما ضربها وباء الطاعون آنذاك والذي لم ينج منه الا من التزم بيته، وقد حاكت الشمري ببراعتها المعهودة في نسج الحكايا من وحي التاريخ ومحاكاتها للواقع قصة ما أشبه احداثها التي كانت بالامس باليوم، فلاقت ردود افعال كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستشهد بها بعض الناشطين من الاطباء لتعزيز مفهوم التباعد والحجر المنزلي والحظر لمصلحة البلاد والعباد.
ولم يخل العمل بالتأكيد من بعض القصص الاجتماعية كصور حفلات الزواج في ظل الجائحة، وسلوكيات أفراد المجتمع المتباينة تجاهها، الى جانب التعاطي مع المناسبات المختلفة والمواقف الطريفة والقصص الانسانية.
صورة عصرية
وقدم الإخراج الحلقات بصورة عصرية وكادرات جميلة ونقية دون أي أخطاء في الراكورات، واعتمد على أماكن تصوير متعددة بالرغم من ظروف الإغلاق العامة والتي تحد من حركة الانتاج والتصوير.
لعب كل من راشد الشمراني وحبيب الحبيب أدوارا مميزة ولافتة الى جانب القصبي في هذا العمل، بينما لمع نجم أسيل عمران والهام علي في الحلقات التي شاركتا فيها من خلال الأدوار التي قدماها.