“مال البخيل ياكله العيار”… إلى متى الانتظار لإنصاف الغارمين؟ ،،،، بقلم / أحمد الجارالله
يعيش المواطن حالياً على الأمل، فيما الحكومة تمضي زارعة سراب الصمت في النفوس بتفرغها لمعركتها مع مجلس الأمة الغائب بدوره عن الوعي بفعل الهلوسات النيابية البعيدة كل البعد عن هموم الناس، لذا لا يبقى لنا إلا صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد نتوجه إليهما بالنداء لإنهاء المعاناة التي زادتها تعقيداً الإجراءات الحكومية القصيرة النظر.
بادئ ذي بدء لا نطلب من القيادة السياسية أن تسدد قروض التجار والشركات الكبرى والبنوك أو العائلات التجارية، أو تسدد ديون أحمد الجارالله والخرافي والشايع والغانم، وغيرهم، إنما النظر إلى أصحاب المشاريع الصغيرة، والغارمين الذين أنهكتهم أزمة الإقفال الطويل جراء جائحة “كورونا”، التي حمت الناس من العدوى، أو هكذا يتخيل الحاكم العرفي الصحي، لكنها نشرت بينهم عدوى الإفلاس والحاجة، فيما لم يجدوا منقذاً يخلصهم مما هم فيه.
ربما من المفيد في هذه العجالة الإضاءة على معاناة أحد الكويتيين المتقاعدين الذي أسس مشروعه الخاص، بعد حصوله على وكالة أحد المطاعم الألمانية الشهيرة وفتح فرعه في الكويت، منفقاً مدخراته التي جمعها طوال العمر، لكن بسبب الجائحة والإغلاق الطويل تعثر المشروع الوليد، وتراكمت الديون على الرجل، فرفع الدائنون دعاوى ضده، مما اضطره إلى إقفال باب رزقه، وهو يعاني الأمرين حالياً بسبب الدائنين، وأعلن أنه سيغادر البلاد.
لو أن الحكومة كانت جادة في دعمها تلك المشاريع لفعلت ما فعلته دول الخليج كافة، بل غالبية دول العالم، حتى الأقل ثروة من الكويت، فهي أسقطت الديون عن الغارمين الصغار، وأصحاب المشاريع الدنيا، بل انها أسقطت الديون والفوائد عن القروض السكنية، مثلما فعلت قطر والإمارات وحتى البحرين، لا أن تزيد الطين بلة، بإغراقها هؤلاء بمشكلات كثيرة ترتد سلباً على حياتهم الاجتماعية، إضافة الى تبعاتها الاقتصادية.
صاحب السمو الأمير
سمو ولي العهد
لنفترض أن زلزالاً، لا سمح الله، ضرب منطقة من البلاد، فهل تمنع الحكومة الإعانة عن المتضررين لأن ذلك لا يوفر العدالة الاجتماعية، كما يشيع الحاسدون الذين لا يرغبون الخير للناس ويبررون موقفهم بأن سداد القروض الصغيرة سيؤدي لخلق مخاطرة أخلاقية بالعدالة الاجتماعية؟
لا شك أن هؤلاء لا يريدون حل هذه القضية لأنها ستؤدي الى خسارتهم بعض الامتيازات التي يتمتعون بها، لكن في المقابل لا يرون أن ذلك يؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي، فيما هناك عشرات الحلول التي يشيحون النظر عنها، ويتركون الناس غارقين في الديون.
القروض المطلوب إسقاطها لا تتعدى 1.6 مليار دينار، فيما قروض وهبات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية تصل الى سبعة مليارات دينار موزعة على 107 دول، وكثير منها لا يسدد، أو عائد فائدتها لا يتجاوز 2.5 في المئة، وهي مقسطة على أربعين عاماً، وجميعنا نعرف أن تلك الديون تعقد وفقاً لأطر معينة، وبعضها من أجل مواقف سياسية غير مؤثرة أو لمصالح خاصة، ورغم ذلك لن نستعرضها حاليا، لكن ربما يأتي الوقت الذي نتحدث فيه بالتفصيل عنها، وعن فضائحها التي تزكم الأنوف، إلا أننا نسأل: من الأحق بتلك الأموال، المواطن القريب الداعم الأساسي لهذا الوطن ونظامه وحكمه، أم الدول البعيدة، وماذا استفدنا من بعض تلك الدول في أزمتنا التاريخية، أعني الغزو العراقي؟
إذا كانت المؤسسات المعنية، من حكومة ومجلس أمة وبنك مركزي وصندوق تنمية وغيرها، تعمل وفق المثل الشعبي” مال عمك لا يهمك”، فهي بذلك تدفع البلاد الى الكارثة الكبرى، لأنها تطبق المثل الشعبي” مال البخيل ياكله العيار” لأنها تبخل على شعبها ليأكل مالها العيار الغريب.
سيدي الأمير
سيدي ولي العهد
إن ضجر الكويتيين يزداد من انسداد الأفق، ورغم أن الحكومة ومجلس الأمة يسمعان صراخ الناس بسبب المعاناة إلا أنهما لا يقدمان ما يخفف من آلامهم، ولذا الكويتيون، وجراء تفاقم الأزمة، يبتعدون يوماً بعد يوم عمن بيدهم الأمر، وكأننا أمام مؤامرة لإبعاد الناس عن بيت حكمهم.
نرجو ألا تثيركم الأرقام المزعومة عن أن القروض تصل الى 16 ملياراً، فالذي يشيع ذلك لا يريد الخير للناس، فهي لا تتعدى الملياري دينار، لذلك لا بد من وقف تلك الاسطوانة المشروخة عن عدم العدالة الاجتماعية بإنصاف هؤلاء الغارمين.
إن شعبكما بحاجة إليكما بعدما أعياه تفرغ الحكومة ومجلس الأمة لمشاحناتهما العبثية، فسموكما الأمل بإنقاذه مما هو فيه، فإلى متى الانتظار، طالما أن خير الدولة كثير وكبير، ولن تحتاج الى الاقتراض مثلما فعلت بعض الدول لإنهاء معاناة شعوبها، وإسعادها؟