هل تخيل امرأة أخرى أثناء المعاشرة الزوجية مخالف للشرع!!
الكويت – النخبة:
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أودُّ الاستفسار عما أفعلُه أنا وزوجي أثناء الجِماع؛ حيث إننا نقوم بعمَل دور تمثيلي قبل الجِماع مِن باب الاستمتاع؛ مثلاً: يقوم هو بدور الطبيب وأنا بدور المريضة، ويُخاطبني كأنني غريبة، وأنا كذلك أتحدَّث معه كالغريبة، وأحيانًا نتخيل أنه اغتصاب. فهل في هذا الفعل أي مخالفات شرعية؟
الإجابة: الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فإنَّ ما تفعلينَه أنت وزوجك أيتها الأختُ الكريمةُ نوعٌ مُتَقَدِّمٌ مِنَ التخيُّلات الجنسية، بل هو أشدُّ منه، فأنتِ وزوجك لم تَقْتَصِرَا على تخيُّل شخصٍ آخر عند الجِماع، بل تماديتُما إلى المحاكاة والتمثيل.
وقد نَصَّ بعضُ أهل العِلْمِ على أن تمنِّي القلب واشتهاءَه للمرأة الأجنبية أو الرجل الأجنبي نوعٌ مِنَ الزِّنا؛ ويخشى أن يجرَّ إلى الوقوع فيما هو أكبر، فالمُقدمات السيئةُ تُؤذن بوقوع ما هي وسيلة إليه.
وتأمَّلي رعاك الله الحديث الذي رواه البخاري ومسلمٌ، عن أبي هريرةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «كُتِبَ على ابن آدم نصيبُه مِن الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا مَحالة؛ فالعينانِ زناهما النظَر، والأُذنان زناهما الاستِماع، واللِّسان زناه الكلام، واليدُ زناها البطْش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَا، والقلْبُ يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرْج ويُكَذِّبُهُ»؛ متفق عليه.
وقولُه صلى الله عليه وسلم: «والقلب يَهوَى ويَتَمنى»، يَدْخُل فيه كل تَمَنٍّ للحرام؛ سواء عن طريق التمثيل أو لا، قال الإمام أبو العباس القُرطبي في “المُفهِم”: “يعني: أن هواه وتمنيه هو زناه، وإنما أُطْلِق على هذه الأمور كلها: زِنًا؛ لأنها مُقدماتها؛ إذ لا يحصُل الزنا الحقيقيُّ – في الغالب – إلا بعد استِعمال هذه الأعضاء في تحصيله”.
وقال الإمامُ النوويُّ في “شرح مسلم”: “معنى الحديث أنَّ ابن آدم قُدِّر عليه نصيبٌ مِن الزنا، فمنهم مَن يكون زناه حقيقيًّا… أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب”.
إذا تقرَّر هذا، فقد اختلف الفقهاءُ في الرجُل يُجامع زوجتَه وهو يَتَخَيَّل امرأةً أخرى، وكذا المرأة يُجامعها زوجها وهي تتخيَّل رجلاً آخر، فذهب الأكثرُ إلى أن ذلك حرام، وهو مذهبُ الحنفيَّة والمالكيَّة والحنابلة وبعض الشافعيَّة؛ قال ابن عابدين الحنفي في “حاشيته”: “والأقربُ لقواعد مذهبنا عدم الحِلِّ؛ لأنَّ تَصَوُّرَ تلك الأجنبيَّة بين يديه يَطَؤهَا فيه تصوير مُبَاشَرة المعصية على هيئَتِها، فهو نظيرُ مسألة الشُّرْب”.
وقال ابن الحاج المالكي في كتابه “المدخل”: “ويتعيَّن عليه أن يَتَحَفَّظَ على نفسه بالفِعل، وفي غيره بالقول مِن هذه الخصلة القبيحة التي عمَّتْ بها الْبَلْوَى في الغالب، وهي أنَّ الرجل إذا رأى امرأةً أعجبتْه، وأتى أهله، جَعَلَ بين عينيه تلك المرأة التي رآها، وهذا نوعٌ مِن الزِّنا؛ لما قاله علماؤنا فيمن أخذ كُوزًا من الماء فصوَّر بين عينيه أنه خمر يَشربه، أن ذلك الماء يصير عليه حرامًا، وهذا مما عمَّتْ به الْبَلْوَى”.
وقال ابن مفلح الحنبلي في كتاب “الآداب الشرعية”: “وقد ذكر ابن عقيل وجزَم به في الرعاية الكبرى: أنه لو استحضر عند جِماع زوجته صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أنه يأثَم”. أما الشافعيَّةُ فالمعتَمَد عندهم الجوازُ ذلك، على ما حكاه ابن حجر الهيتمي في “تحفة المُحتاج شرح المنهاج”.
فابحثي أيتها الأخت الكريمة أنت وزوجك عن طُرُق أخرى مباحة تحقِّقان بها المتعة الحلال، وستجدان أمورًا أخرى عند أصحاب الخبرة، بدلاً مِن الحوم حول الحمى. بارك الله لك في زوجك وأبنائك.
خالد عبد المنعم الرفاعي