بقلم:
د.محمد صاحب سلطان
بحثت على قدر إستطاعتي، في كتب العلوم الإجتماعية والسلوكية التي تناولت ظاهرة (جلد الذات)، لمعرفة دوافع الإسقاط النفسي الذي يعتري بعض السياسيين في مواقف ومناسبات محددة لأجل التكسب ومحو الصور المشوهة العالقة في أذهان الناس عنهم جراء أفعالهم المخزية، فيحاولون تعميمها وكأنها شيء مشاع والجميع يمارسه ومعتاد عليه!
وأولها الفساد المنغمسين فيه حد النخاع، فضلا عن بهلوانيات السياسة التي يؤدونها بإتقان عندما يظهرون على الفضائيات وهم يوزعون آثار الفعل الشرير المرتكب ضد الشعب، عليهم وعلى أقرانهم بالتساوي!
أحدهم، استمعت إليه يردد (جميع الطبقة السياسية الحالية هم سراق ومرتشين وأنا منهم)!!
وآخر يقول: (جميعنا وأنا في مقدمتهم (مرتبين) أوضاعنا وعوائلنا،روالمضرة والقتل تقع على أبناء الخايبة – يقصد عامة الشعب-) فيما ثالث يعلن صراحة: (سنجلب المواطنين بالقوة الى الانتخابات، إن هم قاطعوها، لأننا لا نسمح بتخريب العملية السياسية الديمقراطية) بحسب وصفه.
ورابع يصرح بأنه بريء مما أكله الذئب، لأنه ببساطة (نعجة)!
وخامس يعترف بأنهم مجرد ديكورات مكملة للمشهد فيما الحكم بيد الآخرين.. وهكذا البقية، كل منهم يرمي كرة الفضيحة في ملعب منافسه!..
نتساءل: أهو حك صدأ لمعدن متهرئ أم صحوة ضمير؟ أم زلة لسان. أم أدوار توزع بحسب قابلية المنفذ المملوء بالعيوب؟ أم (فلاشات) صورية عاكسة، يطلقها من خلف الستار المخرج الحقيقي للفعل، كي نرضى بالحال كما هو عليه؟ وإلا فالقادم أسوأ!
لأن العراق يعاني حاليا من التحدي الأكبر، متمثلاً بعشاق السلطة وناهبي الثروات من الذين يدعون براءتهم مما يحدث، وهم مشاركون علناً في القرارات وفِي إدارة الحكومة.. أيضاً، في حال كهذا لابد أن نتساءل عن ما هو الأهم في حالة العراق اليوم ، أين تكمن نقطة الحسم؟ وعلى أية قاعدة يمكننا أن نرتكز في حال فكرنا بالخروج من الكارثة؟
أقول وبتصوري المتواضع، لا توجد طريق متوقعة لدولة شعائرها مدنية وجوهرها محاصصة مقيتة، فهذه لم يعد لها مقبولية مجتمعية إطلاقاً، والإصرار عليها يعني الاستمرار في تبني مشروع الصراع والإحتراب الداخلي الذي لا نهاية له ولا أفق، ومع الأزمات الطاحنة التي نعيشها، أصبح الرد التأريخي المطلوب بالعودة الى جذور المواطنة الحقة لوطن لا يقبل التقسيم والتدخل ، هو السلاح الذي يمكننا من فتح منفذ آمن بإتجاه المستقبل المنشود، وهذا ما نأمله!
