لغة النفوس – بقلم : فاطمة المزيعل
كثيرا ما تنشأ في حياتنا، العديد من المشاكل والخصومات، والمعمعة بسبب سوء فهم الكلمات، زائد الأخطاء غير المقصودة والبعض من المشاحنات.
وبالرغم من سهولة حلها وتصحيحها في وقت وجيز من خلال كلمة واحدة، لا تأخذ من وقتك ثواني، دقائق أو حتى لحظات، إلا انك تفاجأ بأن الكثير يزيد بسببها ويكابر، معتقدا أن من خلال هذه الكلمة، ألا وهي (الاعتذار) ماهي إلا انهزام يدل على ضعف شخصيته وفشله، لذلك تراه يستمر في خطئه، وكأن هذا الاعتذار كالعار بالنسبة له، يدل على هزيمته، التي لا تليق به، ولا بشخصيته ومقامه.
ناسيا الحديث الشريف الذي يقول: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، فليس هناك من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل عليهم السلام.
هذا وبخلاف أنها ثقافة تمثل جزءا كبيرا في الكثير من المجتمعات، التي أصبحت تعتمدها اعتمادا كليا في بيئتها ومحيطها، كونها تتمثل في ثقافتهم الفكرية ومقوماتها، لذلك تجدهم يحرصون وبشدة على أن يزرعوها منذ الصغر في أطفالهم.
كما يجب أيضا أن يكون هذا الاعتذار في موقعه الصحيح، أي مقترنا بنوع الخطأ وحجمه، ليكون مبنيا على الاقتناع التام، والقلب الصادق والنية الصافية، لا أن يكون مفتقدا للتهذيب واللياقة، غير نابع من القلب وخاليا من اللباقة، وبعيدا عن صدق العاطفة والصراحة، كي لا يصبح حينها أسوأ من الخطأ ذاته ومبرراته! ما سيجعل من الطرف الآخر يشعر أن هذا الاعتذار ما قيل إلا لإسكاته وإخماده فقط! وليس حبا وتقديرا واحتراما له.
فهو يترجم الشعور إلى فعل حسي ملموس، كما يرتكز على سرعة المبادرة لا المماطلة، وكثرة التلاعب بكلمات التنفير.
كما انه يعتبر قوة محركة تجبر انفسنا على النزول إلى الحق ومحاسبة ذواتنا، وتلك القوة تحتاج لروح سليمة من الداخل، مفعمة بالحب والعنفوان.
لذلك لا يعتذر سوى الشخص الشهم الحكيم، الذي يقدر أفعاله جيدا، ولا يريد أن يسبب أي نوع من أنواع الأذى للآخرين غيره، أما الشخص الذي يستكبر عن تقديم كلمات الاعتذار واعتاد على اللف والدوران، فهو شخص ناقص، متكبر، متعال وضعيف، يعتقد أن الجميع قد يسامحه على أخطائه ويتقبلها بكل سهولة ورحابة صدر، لما وجدته من أشد المكابرين الرافضين للاعتذار.
فهو يصنف نفسه من الطبقة المثالية التي لا تخطئ، وإن أخطأت! فتلك الأخطاء في نظره أخطاء سامية لا يجب أن يعتذر عنها.
وفي المقابل تجده للأسف يعتذر لمن هم دونه، أو لجهة قوية نافذه يخشى من ردة فعلها، وهذا لعمري قمة الضعف.
يقول جبران خليل جبران:
«الاعـــتذار لا يعني أنك على خطأ فقط، بل يعني أنـــك تـــقدر العلاقة مع الآخرين وتمنحها أهمية كبيرة».