هل من مبارز؟ – بقلم : مشعل السعيد
ما نراه ونسمعه في العشرين سنة الأخيرة من مهاترات وسباب وتلاسن وتراشق بالألفاظ إنما يذكرني بمقولة: هل من مبارز.. هل من مناجز؟، لا يبرز لي لا كسلان ولا عاجز، ولكن فرسان ذلك العصر يختلفون عن فرسان هذه الأيام، ففي الماضي كانوا لا يتشاتمون بل يتقاتلون واليوم يتشاتمون ولا يتقاتلون، وكل ينفض ما في قربته دون التحلي بأخلاق الفرسان، مع التسابق على استخدام الألفاظ التي تدغدغ المشاعر، (أيهات!) أين ذاك من هذا؟ مرعى ولا كصداء، إن لسان حال الكويت وهؤلاء المتشاتمين كقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
أريد حياته ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
لقد آن للكويت أن تستريح، وتتنفس الصعداء، فقد عانت كثيرا، وتألمت كثيرا، ولا حياة لمن تنادي:
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ بالرماد
إن للوطن حقا كبيرا على أبنائه، فالوطن لا يعادله شيء، ولم يعد يتحمل كل هذه النزاعات والخصومات التي نراها كل يوم، ومازالت الاختلافات في تزايد والوضع مكانك راوح، حتى ينطبق علينا قول المولى عز وجل: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) «النحل- 92».
وإلى متى هذه الأزمات، أزمة تتبعها أزمة، نحن نعلم أن هناك فسادا متفشيا ولكن هذا ليس مبررا لهذه الصراعات، فالفساد في كل مكان بالدنيا والإصلاح يبدأ بخطوات تقودها الحكومة والمجلس ولا يأتي ذلك إلا بانسجام وتعاون وتفاهم السلطتين، ثم إن الأمر الغريب هو التدخل في شؤون القضاء، وهذا أمر خطير للغاية، لأن القضاء صمام الأمان وملاذ الضعيف والمظلوم وميزان العدل لكل أمة، لقد تجرع الوطن منغصات كثيرة وتحمل الكثير فلا تحملوه ما لا يستطيع، وكونوا له أبناء بررة، لقد زعزعت قيمنا وثوابتنا، وأصبح التدخل في أدق تفاصيل الناس وأسرارهم أمرا ظاهرا للعيان، بجرأة وتماد دون حساب لعواقب الأمور. الوطن أعطانا الأمن والأمان، ويريد منا أن نكون يدا واحدة، يجمعنا حب الكويت، فلا كويت بعد الكويت، ولا تستتب الأمور إلا بطاعة ولاة أمورنا والإخلاص للوطن والتكاتف.
عودوا إلى رشدكم أيها المتخالفون، واجعلوا الكويت نقطة حل نزاعاتكم، وما أجمل وصية المهلب بن أبي صفرة لأبنائه:
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت آحادا
وأترككم في رعاية الله.