الحركة التقدمية الكويتية تعارض مشروع التمويل العقاري للسكن الخاص لأنه سيحوّل السكن من حق إنساني على الدولة أن توفره للناس إلى سلعة
إننا عندما نناقش مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، فلابد بدايةً من أن نوضح حقيقة مهمة وهي أن هناك منظورين متناقضين تماماً للسكن:
– المنظور الأول هو المنظور الاجتماعي، الذي يرى السكن حقاً إنسانياً أساسياً ومنزلاً للعيش الكريم تنمو فيه الأسرة وتشكّل ذكرياتها، ومن واجب الدولة مساعدة الناس على توفير السكن في إطار الخدمات العامة.
-أما المنظور الآخر للسكن فهو المنظور الرأسمالي الذي ينظر للسكن كسلعة وكواحد من الأصول الرأسمالية وكمجال لاستثمار رأس المال وتحقيق الأرباح… وشتان ما بين المنظورين الاجتماعي والرأسمالي للسكن.
ولقد كان نظام الرعاية السكنية منذ بداية خمسينات القرن العشرين، على الرغم من انتقاداتنا له وجوانب قصوره، يمثّل مقاربة ما للمنظور الاجتماعي للسكن كحق إنساني أساسي وكخدمة عامة…أما مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، الذي قدمته الحكومة فهو على خلاف ذلك، إذ من شأنه تكريس المنظور الرأسمالي للسكن كسلعة وكمجال استثمار وتحقيق أرباح، وهذا هو المنطلق الأول والرئيس لمعارضتنا ليس فقط لهذا المشروع بقانون، وإنما لهذا التوجه الرأسمالي بشكل عام، فنحن كاشتراكيين نتمسك بأن السكن والتعليم والصحة حقوق إنسانية أساسية، ومن واجب الدولة تقديمها كخدمة عامة، وهذا ما يتفق مع دستور البلاد، وبالتالي فإننا نرفض من حيث المبدأ تحويل السكن إلى سلعة ومجال استثماري لتحقيق الأرباح لقلة من كبار الرأسماليين على حساب حياة غالبية الناس وحقوقهم.
إنّ مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، أو بالأحرى قانون الرهن العقاري، الذي قدمته الحكومة مؤخراً ضمن انحيازها الطبقي لصالح قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين، من شأنه أن يفتح الأبواب على مصاريعها أمام العواقب السلبية التالية:
– تحويل السكن إلى سلعة ومجال استثماري رأسمالي كبير ومفتوح لتحقيق الأرباح والفوائد للبنوك والشركات العقارية، بالإضافة إلى ما يتوقع أن ينجم عن تطبيق القانون في حال إقراره من زيادة في الطلب وارتفاع فاحش في أسعار العقار.
– إقحام المزيد من المواطنين والأسر في دوامة القروض وفخّ سداد الفوائد الفاحشة والأقساط المرهقة، مع ما يصاحبها بالضرورة من احتمالات الإعسار ورهن السكن الخاص، خصوصاً مع تقليص فترة سداد القرض العقاري إلى نصف مدته الحالية.
– إلزام الدولة والمال العام بدفع الفوائد للبنوك.
– فتح شهية الشركات العقارية لتوسيع المجال أمامها لإلغاء القانون رقم ٩ لسنة ٢٠٠٨ بفرض الحظر على جميع الشركات والمؤسسات الفردية التعامل بأي وسيلة في القسائم أو البيوت المخصصة لأغراض السكن الخاص سواء بالبيع أو الشراء أو الرهن أو الحوالة أو الوكالة.
– بالإضافة إلى ما يعيب مشروع القانون من صياغته عامة جداً، حيث تركت المواد ٢ و٣ و٥ التنظيم للائحة التنفيذية، ونرى أن عدم تضمن مشروع القانون لمثل هذه الإجراءات مثير للريبة، خاصة أن نصوص المواد لا توضح حتى بشكل بسيط بعض التفاصيل المهمة.
ولهذه الأسباب مجتمعة فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نرفض مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، وندعو إلى إسقاطه، وفي الوقت ذاته نطالب مجلس الأمة والحكومة بتحقيق التالي:
١- سن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان، ويقوم على تأجير السكن وفق سعر المتر المربع.
٢- الإسراع في انجاز المشروعات الإسكانية.
٣- توسيع المساحات المتاحة للسكن.
٤- زيادة قيمة الضريبة العقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، تمهيدًا لتحريرها، ومنع المضاربة بالعقار.