عقاريون: «التمويل العقاري» لا يعالج القضية الإسكانية.. ويدفع الأسعار للارتفاع
أعلن مجلس الوزراء عن موافقته على مشروع قانون بشأن التمويل العقاري للسكن الخاص، ورفعه إلى صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وذلك تمهيدا لإحالته إلى مجلس الأمة.
ورغم أن الحكومة أكدت على أن الهدف من القانون تحقيق استراتيجية الدولة لمعالجة القضية الإسكانية، بتوفير بديل تمويلي لطلبات السكن الخاص إلى جانب التمويل الذي يقدمه بنك الائتمان الكويتي من خلال مشاركة البنوك المحلية في دعم المنظومة الإسكانية للدولة وتوفير ضمانات قانونية فاعلة، إلا أن القانون شهد هجوما شديدا من قبل عدد من أعضاء مجلس الأمة، بالإضافة إلى عدد من المتخصصين في المجال العقاري، خاصة وأنه قد صدر بشكل عاجل ودون إعطاء أي تفاصيل خاصة به.
وبينما رفضت بعض الآراء القانون الجديد جملة وتفصيلا، رأى آخرون ممن تحدثت إليهم «الأنباء» أن الحل لا يكمن في توفير أداة تمويلية جديدة بقدر ما يكمن في تحرير الأراضي، وتمكين القطاع الخاص، وتشجيع المطور العقاري.
وأكد عدد من الخبراء على أن قانون التمويل العقاري في ملامحه الأولية لن يفيد بأي حال من الاحوال المواطن العادي، الذي لن يكون قادرا على تملك سكن خاص في ظل استمرار تغلب الطلب على العرض، ناهيك عن ضرره على الميزانية العامة للدولة، التي ستتحمل بموجب هذا القانون الجديد فوائد القروض التي ستقدمها البنوك للمواطنين، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد نائب رئيس اتحاد العقاريين قيس الغانم، على أن قانون التمويل العقاري يعتبر من القوانين المهمة جدا بالنسبة للكويت، وبالتالي كان يفترض بالحكومة ان تقوم بدراسة هذا القانون دراسة مستفيضة تأخذ من خلالها بعين الاعتبار مختلف الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالقطاع العقاري، لا أن تقوم بإصدار قانون فيه انتقاص وثغرات كبيرة.
وأضاف أن البنوك التجارية ليست «مبرات خيرية»، وبالتالي إن لم يكن هذا القانون متكاملا فإن المتضرر الأول والأخير سيكون المواطن الكويتي، لأن البنوك لن تتساهل مع المواطنين بعد إقراضهم في حال تخلفهم عن السداد.
وأشار الغانم إلى أنه كان ينبغي على الحكومة ان تتأنى في دراسة مثل هذه القوانين، وأن تقوم بعرضها على الجهات المتخصصة في المجال الاقتصادي والعقاري وعلى رأسها قطاع البنوك واتحاد العقاريين وغيره من الاتحادات والجهات ذات العلاقة.
وقال أنه ينبغي على الحكومة أن تقوم بعرض مسودة القانون بشكل مفصل قبل أن الإعلان عنه، على ان يصاحب ذلك الأمر تغطية إعلامية كبيرة، لا أن تفاجئ المواطنين بقانون جديد دون الاعلان عن تفاصيله مسبقا، حتى لا تكون هذه القوانين عرضة للرفض الشعبي وبالتي تتورط فيه الحكومة كما حدث مع قوانين سابقة.
السكن للجميع
من جانبه، قال أمين صندوق اتحاد العقاريين ونائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أركان الكويت العقارية عبدالرحمن التركيت، إنه كان يفترض بالحكومة الرجوع للاختصاصيين وأصحاب الخبرة قبل إقرار مثل هذه القوانين، وذلك لضمان عدم إضرار القانون بالاقتصاد.
وشدد على أن «اتحاد العقاريين» لديه مقترحات ودور واضح في هذا القطاع، وبالتالي يجب الأخذ بهذه المقترحات التي تهدف في نهاية الأمر إلى جعل السكن الخاص في متناول جميع المواطنين الكويتيين.
وأكد التركيت على أن الاتحاد يدعم أي قانون من شأنه أن يساعد المواطن الكويتي على تملك «سكن خاص»، وبالتالي فإنه سيقوم برفع عدد من الآراء والمقترحات إلى مجلس الوزراء ومجلس الأمة لاعتمادها قبل إقرار القانون بصيغته النهائية، خاصة أن الهدف الأساسي لمثل هذه القوانين هو الحفاظ على أسعار الأراضي والعقارات السكنية وضمان عدم ارتفاعها.
معالجة حقيقية
من جهته، أكد رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية عبد الوهاب الرشيد، على أن أي مشروع قانون لمعالجة القضية الاسكانية أو توفير أدوات تمويلية جديدة لن يكون مجديا ما لم يقرن هذا القانون بمعالجة لب المشكلة، بمعنى أنه لا جدوى من توفير أداة تمويلية جديدة طالما استمرت المعادلة الحالية من ارتفاع الطلب وشح العرض على وضعها الحالي، لأن مثل هذه الاداة التمويلية من شأنها أن تساهم في المزيد من ارتفاع الاسعار وليس حل المشكلة الاسكانية المتفاقمة.
وأضاف أنه ينبغي على الحكومة أن تعالج القضية الاسكانية معالجة جذرية، وذلك من خلال حزمة إجراءات متكاملة تبدأ من تحرير الاراضي، وإقرار المطور العقاري، وتمكين القطاع الخاص، ومن ثم تفعيل الرهن العقاري.
ولفت الرشيد إلى أن الجمعية الاقتصادية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام إصدار قانون التمويل العقاري، حيث إنها ستعمل على تقديم توصيات للحكومة ومجلس الأمة حول هذا القانون، كما انها ستتحرك على المستوى الشعبي من خلال مجلس الأمة من خلال وقفة صارمة بعد الاطلاع على كافة تفاصيل وبنود القانون الجديد.
ضرر لخزينة الدولة
بدوره، قال عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات التجارية د. فارس الحيان، أن القانون الجديد لن يفيد في حل المشكلة الاسكانية، ذلك أنه سيعمل على توفير وسائل تمويل إضافية، بينما تتركز المشكلة الأساسية في ندرة الاراضي السكنية.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك فإن المواطن لن يتمكن من شراء عقار للسكن، خاصة وأن أسعار الاراضي في بعض المناطق وصلت إلى 300 ألف دينار، في حين وصلت أسعار البيوت إلى 600 ألف.
وأكد الحيان على أن القانون الحالي ليس إلا عملية تنفيع للبنوك التي لديها سيولة كبيرة تسعى إلى محاولة الاستفادة منها من خلال الإقراض، وبالتالي فإن هذا الأمر هو الذي سيزيد من حركة الاقتراض ما سيعود بالنفع على البنوك، بينما ستتحمل خزينة الدولة فوائد تلك القروض.
وقال إنه كان من الأجدى أن تقوم الحكومة بتعزيز ميزانية بنك التسليف بدلا من أن تفسح المجال أمام البنوك لإقراض المواطنين مع تحمل فوائد قروض المواطنين، ناهيك عن أن بنك التسليف نفسه لديه أموال واستثمارات لا أحد يعرف حجمها وطبيعتها وعوائدها.
تعديل قانون المرافعات
أشار د.فارس الحيان إلى أن القانون الجديد سيجبر الحكومة على تعديل قانون المرافعات الذي يحظر الحجز على بيت المواطن الوحيد وبيعه بالمزاد العلني، حيث إن القانون الجديد سيسمح للبنوك المحلية بالحجز على بيوت المواطنين المتخلفين عن السداد، الأمر الذي قد يضطر الحكومة إلى التدخل وسداد ديون المواطنين في حال عجزهم عن السداد وبالتالي قد تجد الحكومة نفسها أمام معضلة جديدة تتمثل في قضايا جديدة من نوعها بين البنوك والمواطنين ستتحمل هي وحدها كلفتها.