الحوادث المتكررة والجائحة… فاقمتا أزمة العمالة المنزلية
على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت مشكلة استقدام العمالة المنزلية الهاجس الأكبر، والمعضلة الأبرز لدى العديد من العوائل في الكويت، التي يشكل عدد العمالة المنزلية فيها أكثر من 650 ألفاً، ولا تزال عملية الاستقدام معقدة بسبب بعض الحوادث التي تعرضت لها العمالة المنزلية في الكويت، إضافة إلى جائحة فيروس «كورونا» المستجد التي جمدتها وأجلت انفراجتها.
بعض الحوادث التي تعرضت لها هذه العمالة على مدى السنوات الماضية، كان السبب الرئيسي وراء ظهور المشكلة التي تطورت لتصل إلى درجة الأزمة المعقدة التي أصبحت تواجهها الحكومات، بسبب الضغوط التي تتعرض لها من قبل المنظمات الحقوقية والأممية بحجة حقوق الإنسان تارة، وحقوق العمالة تارة أخرى، والتي أدت لرفض الدول المصدرة للعمالة إرسال عمالتها إلى دول المنطقة، أو إيقاف دول المنطقة استقدام العمالة من هذه الدول.
وقد قامت بعض الدول في المنطقة بتحديث قوانينها بما يتلاءم مع هذه المعضلة، لتحقيق التوازن مع القوانين الدولية، وتخطت هذه الأزمة أخيراً وعادت الأمور شبه طبيعية لديها إلى حد ما، في آلية استقدام العمالة المنزلية إليها.
جميع الدول الرئيسية المصدرة للعمالة تمتاز بعلاقات ديبلوماسية قوية مع الكويت، ومع ذلك قامت بمنع عمالتها من العمل في الكويت لأسباب عدة أحدها الضغوط الشعبية عليها، حتى تحصل على الضمانات التي تحفظ حقوق عمالتها المنزلية، كونها الحلقة الأضعف في السلم الوظيفي، إلا أن بعض هذه المطالب قد تم رفضها من الكويت في وقت سابق كونها تشكل «لي ذراع»، وهو ما اضطر المجالس التشريعية في بعض الدول لاستحداث قوانين خاصة لتصدير عمالتها، مما أطال من أمد هذه الأزمة.
وفي هذا الصدد، عندما وضعت الهند شرطاً لاستقدام عمالتها المنزلية بوضع مبلغ 2500 دولار كتأمين لاستقدامها، عبر تشريع برلماني فيها، وافقت بعض دول المنطقة، إلا أن الكويت رفضت آنذاك مما صعب من آلية استقدام العمالة الهندية.
كما أن الحظ السيئ كان له دور كبير في تأخير الوصول إلى حلول، فعلى الرغم من القوانين الجديدة الخاصة بالعمالة التي أقرتها الكويت والتي لاقت إشادات من الدول المصدرة للعمالة والمنظمات الحقوقية، ورغم الجهود المكوكية التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية على مدى السنوات الماضية لتجاوز هذه الأزمة وإبرام العديد من الاتفاقيات مع الدول المصدرة للعمالة، إلا أن توقيت حدوث بعض الجرائم في حق العمالة المنزلية والتي تم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لافت، جمد الحلول ولم يعد الأزمة للمربع الأول فحسب، ولكن صعّب من الحل ورفع سقف الشروط التي بدأت تطلبها هذه الدول من الكويت، إرضاء لشعوبها من جهة، وللحصول على مزايا إضافية لعمالتها من جهة أخرى، وجاءت بعدها جائحة «كورونا» لتجمد ما كاد أن يصبح سهلاً.
الحل في قطر
اتخذت قطر خطوات إيجابية مهمة في برنامج إصلاحات سوق العمل، تم بموجبه رفع الحد الأدنى لأجور العمالة المنزلية بنسبة 25 في المئة، وتسهيل الانتقال بين جهات العمل المختلفة، وتم إصدار القانون 17 – 2020 في شأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين في المنازل، بمبلغ 1000 ريال قطري (279.5 دولار)، وفي حال عدم توفير صاحب العمل السكن الملائم أو الغذاء للعامل أو المستخدم، يكون الحد الأدنى لبدل السكن 500 ريال (139.7 دولار)، والحد الأدنى لبدل الغذاء 300 ريال (83.6 دولار).
الحل في الإمارات
قامت وزارة الموارد البشرية والتوطين في الإمارات بتطبيق معايير لإقامات عمال الخدمة المساعدة على الأسر المقيمة في الدولة، ومدتها عامان، تطبيقاً للائحة التنفيذية للقانون والصادرة عن مجلس الوزراء.
وجاءت المعايير الجديدة التي حددتها اللائحة، بناء على دراسات أخذت في الحسبان كلفة المعيشة في الدولة، وربطها بالراتب الذي يستطيع به الفرد أو الأسرة المقيمة، تلبية الاحتياجات الأساسية، والقدرة على الإيفاء بالالتزامات والحقوق القانونية للعامل المساعد، بما فيها توفير بيئة العمل اللائقة والرعاية الصحية.
وحددت اللائحة دخلاً شهرياً للفرد أو الأسرة مقدار ما يعادل 2000 دينار كويتي فأكثر، بما في ذلك رواتب جميع العاملين بالأسرة، وأي بدلات، كالسكن وغيره، شرط لقبول أن تكون إقامة العامل المساعد على الأسر المقيمة في الدولة.
ووفرت مراكز الخدمة «تدبير» للأسر التي لا تنطبق عليها المعايير المشار إليها بديلين آخرين، لتشغيل العمالة بموجب باقتين تضمان كفاءة العامل وتلبيان احتياجات هذه الأسر، وبكلف منخفضة، حيث توافر الأولى عاملاً مساعداً مسجلاً على مركز «تدبير»، للعمل لفترة تعاقدية لا يسمح فيها بانتقال العامل المساعد المقيم على إقامة صاحب العمل، والباقة الأخرى توافر عاملاً مساعداً مسجلاً على مركز «تدبير» للعمل بنظام (ساعة – يومي – أسبوعي… إلخ)».
الاستقدام غيرُ مجزٍ للمكاتب المرخصة
أوضحت مصادر مطلعة أنه بعد تحديد وزارة التجارة والصناعة الحد الأعلى لأسعار استقدام العمالة المنزلية بـ890 ديناراً فقط، أصبحت عملية الاستقدام غير مجزية بالنسبة للمكاتب المرخصة، حيث إن شركاءهم في الدول المصدرة للعمالة أصبحوا يفضلون إرسال العمالة للدول الخليجية المجاورة، حيث يصل سعر استقدام العاملة المنزلية إلى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال إلى ما يعادل 1800 دينار.
وذكرت المصادر أنه في ظل جائحة «كورونا» والإغلاق المرافق لها، أصبحت تكلفة إحضار العاملة من قريتها إلى العاصمة مانيلا في الفيلبين مكلفة جداً، وهو ما أدى إلى رفع التكاليف.