الأمريكيون يشاركون الصينيين في أكل الحشرات والسعوديون ينافسونهم بالجراد
تختلف ثقافات الشعوب وعاداتها في مختلف دول العالم، وقد يستنكر كثير من الناس عادات معينة في مناطق أخرى بينما يراها الآخرون عادات جيدة ومقبولة، وفيما يخص تناول الطعام، بداية من تناول الأسماك أو الديدان إلى تناول الحشرات، يقبل الكثير من الصينيين على طهي وتناول الحشرات والحيوانات البرية، وينافسهم الأمريكيون في هذا السلوك الغريب في نظر العديد من الثقافات حول العالم.
ويتشارك السعوديون مع الصينيين والأمريكيين في أكل نوع معين من الحشرات وهو “الجراد”.
ومع ظهور أسراب حشرات “سيكادا” المليونية في أمريكا الشمالية، مطلع يونيو الجاري، وانتشارها في 15 ولاية أمريكية وواشنطن العاصمة، برزت ميول عديدة لدى الأمريكيين لاصطياد حشرات السيكادا وطهيها.
وهناك من يفضل تناولها “مقلية أو محمصة” وآخر يمزجها في مكونات البتزا أو المكرونة أو يخلطها بعجينة الخبز أو يزين بها أطباق الشيكولاتة.
وتختلف دوافع الصينيين لتناول الحشرات والحيوانات البرية عن دوافع الأميركيين، فهذا التقليد العجيب ترسخ في الصين وتم توارثه منذ سنوات المجاعة في القرن الماضي، لكن الأميركيين لجأوا لطهى حشرات سيكادا في محاولة للتكيف مع هذا الزائر المزعج ذات الأزيز العالي، الذى يتوافد بملايين الأعداد على أمريكا الشمالية بشكل سنوى أو دوري كل 13 أو 17 عاما.
مصدر الإزعاج
“هل تزعجك أسراب سيكادا؟ يمكنك فقط غرسها في شوكة”، تحت هذا العنوان نشر موقع “شيكاغو صن تايمز” تقريراً في قسم الترفيه للكاتب مارك كينيدي، والمقصود من العنوان هو تحويل مصدر الإزعاج أو حشرات “سيكادا” إلى وجبة “شهية”.
ويقول الكاتب إن أسراب الحشرات ذات العيون الحمراء التي عاودت الظهور بعد 17 عامًا ظلت خلالها تحت الأرض، وفرت فرصة لإعداد وجبات منزلية خفيفة، عن طريق جمعها “صغيرة وطرية” قبل أن تتصلب أجسامها، واستخدامها في تزيين البيتزا أو أطباق الشيكولاتة.
ويوضح مارك أن أطباق الشيكولاتة بـ”السيكادا” ظهرت في منزل عالما الحشرات بجامعة ميريلاند مايكل راوب وباولا شروزبري في كولومبيا بولاية ماريلاند.
وصفات لطهى سيكادا
ويقول ديفيد جورج جوردون، مؤلف كتاب “Eat-a-Bug Cookbook”: “علينا أن نتغلب على كرهنا للحشرات، هذا الشعور قوي ومتجذر لدى معظم الناس في ثقافتنا”.
ويقترح لطهى سيكادا طرق القلي السريع أو مزجها في عجينة لصنع الخبز خصوصا خبز الموز.
فوائد عديدة لتناول سيكادا من وجهة نظر جوردون، قائلا إنها صالحة للأكل وغنية بالبروتين والدهون الجيدة والكالسيوم والحديد والزنك وخالية من الغلوتين وقليلة الدهون ومنخفضة الكربوهيدرات.
ومن الناحية البيئية يوضح جوردون أن سيكادا تنبعث منها غازات أقل من الماشية، وتستهلك القليل من المساحات الزراعية أو المياه.
تقبل السيكادا كطعام
ويشير مؤلف كتاب الطبخ الشهير أن عدد الأطعمة التي تحتوي على حشرات يتزايد مثل “المعكرونة”، ويقول إنه في أجزاء من آسيا، تُباع بعض الحشرات في أكياس مثل الفول السوداني أو بطاطس الشيبسي.
ماذا عن انطباع الآخرين بشأن ما يقوله جوردون؟ يوضح أن الناس يستقبلون حديثه عن طهى الحشرات حالياً بجدية أكبر.
ويقول مؤلف كتاب “Eat-a-Bug Cookbook” ، إنه يمكن اصطياد سيكادا الدورية بسهولة فور ظهورها فوق سطح الأرض باليد أو بشبكة صغيرة، ولوقف نموها يوصي بإغراقها في الماء المثلج أو تجميدها.
وينصح الخبراء باصطياد سيكادا من المناطق التي لم يتم رشها بالمبيدات الحشرية أو المواد الكيميائية.
ويقدم جورودن لقراء “شيكاغو صن تايمز” طريقة تفصيلية لعمل البيتزا من السيكادا، وينصح بتناولها طازجة.
ومع انتشار وصفات طهى سيكادا بين الأمريكيين، نشرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تحذيرا لمن يعانون من الحساسية من المأكولات البحرية من تناول سيكادا.
وتقول جينا جادين، عالمة الأحياء والبيئة التي عملت كمستشار لتغير المناخ لوكالات الأمم المتحدة مثل منظمة الأغذية والزراعة “فاو”، “إن سيكادا خيار أكثر صحة لكوكب الأرض، خاصة في ضوء حقيقة أنه سيتعين علينا قريبًا إطعام 9 مليارات شخص”.
وتلفت جادين في حديثها إلى موقع شيكاغو صن تايمز، إلى أن سرطان البحر عالي التكلفة كان في وقت سابق مثيرًا للاشمئزاز في الغرب لدرجة أنه تم إطعامه للسجناء، لكن المفاهيم تتغير.
وتشير عالمة الأحياء والبيئة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة قدرت عام 2006 أن حوالي 18٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تعود إلى الحيوانات التي تُربى من أجل لحومها مثل البقر والغنم والإبل والدجاج، وهو ما لا تسببه حشرات سيكادا.
ويحذر موقع “اندي ستار” من اصطياد السيكادا البالغة من أجل الطهي، وينصح بجمع الحشرات الصغيرة إما عند خروجها من الأرض مباشرة أو أثناء تغييرها لهيكلها الخارجي، ويشدد على أهمية اصطيادها حية وبصحة جيدة وتجميدها حال تأخر طهيها.
ونشر موقع “اندي ستار” طريقة تقديم وجبة خفيفة لطلبة المدارس مكونة من أكثر من 1400 من حوريات الزيز!
وتتضمن طريقة تحضير طبق “سيكادا” غسلها بالماء البارد عدة مرات ثم نقعها في محلول ملحي لمدة 30 دقيقة، ثم تصفيتها وتركها تجف، وبعدها يمكن غليها بالماء والخل لمدة 5 دقائق، وتصفيتها من الماء المغلي.
ويمكن بعد ذلك قليها في الزيت أو تحميصها لمدة 10 دقائق في فرن بدرجة 400 درجة، ثم تمليحها وتقديمها، وقد يُضاف إليها مسحوق الثوم أو التوابل أو الصلصة الحارة أو حتى الشوكولاتة، حسب المذاق المفضل.
ويقول صاحب الوصفة إنه يعلم أن معظم الطلاب سيشعرون بالإشمئزاز، لكن كثير من الثقافات تعتبر الحشرات مصدرًا أساسيًا للبروتين، وهذا الاشمئزاز موجود في رؤوسنا بالفعل، وبمجرد أن نتغلب على فكرة أننا نأكل حشرة فإننا سنتمتع بطعمها اللذيذ كوجبة خفيفة.
ويشير “اندي ستار” إلى احتفال صغير أقامه بعض سكان مدينة بلومنغتون بولاية إنديانا فور ظهور سيكادا فوق سطح الأرض وعلى الأشجار، وقُدمت خلاله سلطة Crispy cicada بعد طهيها بزيت الزيتون والزبدة والخل والثوم المفروم والزعتر الطازج والفلفل.
تاريخ طهي سيكادا
ويقول أيسا بيتانكورت، عالم الحشرات في أكاديمية العلوم الطبيعية بجامعة دريكسيل، لموقع “لانكستر أونلاين” إنها طعام شهي نادر من مفصليات الأرجل ذات الهيكل الخارجي مثل الجمبري والكركند وسرطان البحر.
وعن تاريخ طهى السيكادا يتحدث مؤلف كتاب “السيكادا الدورية”، تشارلز ليستر عام 1898 عن هذه التجربة، ويقول: “تم جمعها وطهيها في الحساء، لكن الحساء ليس الطريقة الأفضل، لأنها تحولت إلى قطع متناثرة من الجلد، أما أكثر طرق الطهي استحسانًا فهي القلي على طريقة الجمبري”.
ويقول عالم الأحياء وخبير الزيز، جين كريتسكي، لناشيونال جيوجرافك في 2013 إن معظم الناس يحبونها مقلية جيدًا ومغموسًة في صلصة أو سلطة خضراء.
وفي عام 2016 ، قام مخبز Rising Creek في Mt في ولاية بنسلفانيا بتغطية كعكات رقائق الشوكولاتة وأكواب الآيس كريم بالزبدة مع حشرة سيكادا واحدة، كما قدم أيضًا عجة محشوة بالأفوكادو والخضروات المشوية والسيكادا.